للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْمَطْلُوبِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ نُكُولَهُ يُضْعِفُ حَقَّهُ وَيُوجِبُ قَبْضَ الْمَالِ مِنْهُ لِحَقِّ السَّفِيهِ وَالصَّبِيِّ فَإِذَا أَمْكَنَتْ أَيْمَانُهُمَا بِرُشْدِ السَّفِيهِ وَكِبَرِ الصَّغِيرِ اُسْتُحْلِفَا مَعَ شَاهِدِهِمَا فَإِنْ حَلَفَا نَفَذَ الْحَقُّ لَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ نُكُولِهِمَا أَوَّلًا وَرُدَّ إلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ أَوَّلًا نَقَلَ الْيَمِينَ إلَى جَنْبَةِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ تَجِبَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَنْكُلُ فَيُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَنْكُلُ بِأَنَّهُ يُقْضَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ، وَلَوْ رُوعِيَ وُجُوبُ الْيَمِينِ أَوَّلًا عَلَى السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ وَأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِتَأْخِيرِ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَزُولَ الْمَانِعُ مِنْ الْيَمِينِ فَيُحَلِّفُ الرَّشِيدُ وَالْكَبِيرُ شَاهِدَهُمَا لَوَجَبَ إنْ نَكَلَا أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَإِنْ حَلَفَ رُدَّ إلَيْهِ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ هِيَ الْيَمِينُ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الطَّالِبِ مَعَ شَاهِدِهِ، وَإِنْ نَكَلَ نَفَذَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ نَكَلَ عَنْ يَمِينٍ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَحْلِفُ السَّفِيهُ مَعَ شَاهِدِهِ حَالَ سَفَهِهِ فَإِنَّهُ إنْ حَلَفَ قَبَضَ مَا اسْتَحَقَّهُ بِيَمِينِهِ النَّاظِرِ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَقْبِضَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِذَا صَارَ إلَيْهِ قَبَضَهُ مِنْهُ مَنْ يَنْظُرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ شَيْئًا إلَّا مَنْ لَهُ قَبْضُهُ.

(فَرْعٌ) وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَبَرِئَ وَلَا يَمِينَ عَلَى السَّفِيهِ إذَا رَشَدَ، وَكَذَلِكَ الْبَكْرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَهَا الرُّجُوعُ إلَى الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ قَدْ حَلَفَ أَوَّلًا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَنَكَلَ عَنْهَا وَحُكِمَ بِالْيَمِينِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِنُكُولِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ كَالرُّشْدِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّ السَّفِيهَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ نُكُولُهُ كَالصَّغِيرِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَلَا يُحَاطُ بِعَدَدِهِمْ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِصَدَقَةٍ لِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يُحْلَفُ مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ وَلَا يُسْتَحَقُّ بِشَهَادَتِهِ حَقٌّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَحِقُّ هَذَا الْحَقِّ فَيَحْلِفُ مَعَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ هَذَا الْحَقِّ وَيُصْرَفُ إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَقَبْضِهِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ فِي الْحُقُوقِ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ الْمِلْكَ أَوْ الْقَبْضَ وَيُطْلَبُ مِنْهُ إنْ نَكَلَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ الْحَبْسُ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ إلَّا أَنَّهُ يُحَاطُ بِعَدَدِهِمْ وَأُضِيفَ إلَيْهِمْ مَنْ لَا يُحْصَى مِثْلُ أَنْ يَقُولَ حَبَسْت هَذَا الْمِلْكَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَعَقِبِهِمْ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي يَقُولُ أَصْحَابُنَا إنَّ كُلَّ حَبْسٍ مُسْبِلٍ وَمُعَقَّبٍ فَلَا يَصْلُحُ فِيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ إذَا حَلَفَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ نَفَذَتْ الصَّدَقَةُ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَمَوْلُودِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بَعْدَ كَلَامٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ وَمُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ رَوَاهَا عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ أَهْلِ الصَّدَقَةِ رَجُلٌ وَاحِدٌ مَعَ الشَّاهِدِ وَيُثْبِتُ حَبْسًا لَهُ وَلِجَمِيعِ أَهْلِهَا، فَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ إنَّمَا هِيَ فِيمَنْ ذُكِرَ بِحَصْرِ عَدَدِهِ.

وَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِمُعَيَّنٍ وَغَيْرِ مُعَيَّنٍ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ أَنَّ فُلَانًا حَبَسَ عَلَى فُلَانٍ وَعَلَى عَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَحِقُّ الْحَقُّ لَهُ وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ عَدَدَ الشُّهُودِ وَجِنْسَهُمْ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَرَاتِبِ الْحُقُوقِ وَذَلِكَ عَلَى سِتَّةِ أَضْرُبٍ فَيَثْبُتُ الزِّنَى بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] .

(فَرْعٌ) وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ فَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ فِي الْوَاضِحَةِ لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ إلَّا سِتَّةَ عَشَرَ رَجُلًا أَرْبَعَةٌ عَلَى شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ تَفَرَّقُوا جَازَ أَنْ يَنْقُلَ شَهَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ حَتَّى يَصِيرُوا ثَمَانِيَةً وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَقِيلَ لَا يَكْفِي إلَّا الْأَرْبَعَةُ، وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>