للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَيَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَسْتَحِقَّ حَقَّهُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِهِ لِلصَّبِيِّ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْيَمِينُ فَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُتْرَكُ عِنْدَهُ الْحَقُّ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَصَارَ مِمَّنْ يَحْلِفُ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ لَمَّا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَأَخَذَ حَقَّهُ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ نَكَلَ الصَّبِيُّ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ بِذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَتْ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَطْلُوبِ يَمِينُ اسْتِحْقَاقٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَحْلِفَ الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ لِتَقَدُّمِهَا فِي الرُّتْبَةِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ هَذِهِ لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ تِلْكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي صَحَّتْ يَمِينُ الْمَطْلُوبِ وَصَحَّ الْحُكْمُ لَهُ بِهَا وَكَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ يَمِينَ الْمَطْلُوبِ لِتَوْقِيفِ الْحَقِّ بِيَدِهِ خَاصَّةً لَمَّا تَعَذَّرَتْ يَمِينُ الطَّالِبِ الَّتِي يَتَعَجَّلُ بِهَا حَقَّهُ فَإِذَا حَلَفَ الطَّالِبُ أَخَذَ حَقَّهُ بِشَاهِدِهِ وَيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ يَمِينَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقُضِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ عَنْ هَذِهِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ أَوَّلًا يَمِينَ اسْتِحْقَاقٍ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهَا لِلْمُدَّعِي يَمِينٌ وَلَوَجَبَ إذَا نَكَلَ عَنْهَا أَنْ لَا يَنْفُذَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينًا بَعْدَهَا، وَلَمَّا كَانَ إذَا حَلَفَ بَقِيَ الْحَقُّ بِيَدِهِ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي فَإِذَا رَشَدَ الْمُدَّعِي وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قُضِيَ بِالْحَقِّ لِلْمَطْلُوبِ وَعُلِمَ أَنَّهَا يَمِينُ إبْقَاءِ الْحَقِّ فَيَجِبُ إذَا رَشَدَ وَنَكَلَ الطَّالِبُ أَنْ يَحْلِفَ الْمَطْلُوبُ يَمِينَ الِاسْتِحْقَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْأَصْلُ مُتَنَازَعٌ فِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا غَرِمَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ كِنَانَةَ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ قُضِيَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَإِنْ نَكَلَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ إنْ نَكَلَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَالصَّغِيرُ بَعْدَ الرُّشْدِ وَالْبُلُوغِ رُدَّ إلَى الْمَطْلُوبِ وَنَحْوُهُ رَوَاهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ يَمِينُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ ثَانِيَةً عَلَى الْمَطْلُوبِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَيَحْلِفُ الصَّغِيرُ إذَا كَبِرَ مَعَ شَاهِدِهِ عَلَى الْبَتِّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَحْلِفُ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْخَبَرِ الَّذِي يُتَيَقَّنُ لَهُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى مَا لَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ لَا يَدْرِي هَلْ شَهِدَ لَهُ بِحَقٍّ أَوْ لَا فَيَحْلِفُ مَعَهُ عَلَى خَبَرِهِ وَيُصَدِّقُهُ كَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الشَّاهِدَانِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِمَا وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَالْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ حَتَّى يَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ لَهُ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْحَدَّ امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ وَاسْتُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَا يَسْتَيْقِنُهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَصِفَةُ الْيَمِينِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى حَسَبِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَلَا أَنَّهُ غَصَبَهُ كَذَا وَلَكِنْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَقَرَّ لَهُ فُلَانٌ بِكَذَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَائِبًا زَادَ فِي يَمِينِهِ أَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ لَبَاقٍ وَمَا عِنْدَهُ بِهِ رَهْنٌ وَلَا وَثِيقَةٌ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ كَبِيرًا فَإِنَّ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَبَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ قَالَ أَصْبَغُ كَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُؤَخَّرُ السَّفِيهُ فَإِذَا رَشَدَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ إنْ شَاءَ وَقُضِيَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ يَمِينٌ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ الْحُدُودُ وَالطَّلَاقُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ حَقَّهُ كَالرَّشِيدِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَنْ لَا يَحْلِفُ فِي دَفْعِ حَقٍّ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ كَالصَّغِيرِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا وَيَبْقَى الْحَقُّ عِنْدَهُ فَإِنْ نَكَلَ أُخِذَ مِنْهُ الْحَقُّ فَإِذَا رَشَدَ السَّفِيهُ حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّ إلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>