للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَلَا دُخُولَ لِلْآخَرِ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ خِيفَ أَنْ يَنْقُصَ حَقُّهُ بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ بِبَيْعِ رَهْنِهِ مِنْ ذَلِكَ أَضَافَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِمَا كَانَ لَهُ ثَمَنُهُ، وَكَانَ بِيَدِهِ وَقَالَ: إنَّ الرَّهْنَ كُلَّهُ يُبَاعُ، وَيُعْطَى مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ مَا يُعْطَى، وَلَا يُبَيِّنُ أَيَّ قَدْرٍ يُعْطَى، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ الْقَائِمَ يَأْخُذُ مِنْ نِصْفِهِ حَقَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الَّذِي أَنْظَرَهُ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي ارْتَهَنَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَهُ بِحَقِّهِ دَفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ إلَى الرَّاهِنِ، وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَنْظَرْته إلَّا لِيُوقِفَ لِي رَهْنِي يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الرَّاهِنِ ثَمَنَ نِصْفِ الرَّهْنِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ ارْتَهَنَهُ الْمُؤَجَّلُ بِالدَّيْنِ جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ قَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِرَدِّهِ إلَى الرَّاهِنِ، وَيُنْظِرُهُ مَعَ ذَلِكَ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ حَلَفَ يُرِيدُ أَنَّهُ مَا أَخَّرَهُ إلَّا لِيَبْقَى الرَّهْنُ وَثِيقَةً بِحَقِّهِ ثُمَّ يَقْتَضِي مِنْ ثَمَنِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ دَيْنَهُ، وَهَذَا إذَا بِيعَ الرَّهْنُ بِمِثْلِ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَكَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَإِنْ بِيعَ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ لِلْعَيْنِ الَّذِي لَهُ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي الرَّهْنِ يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ، وَلَا يَنْقَسِمُ، وَلَا يَرْضَى الْمُسْتَحِقُّ بِبَقَائِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ: إنَّهُ يُبَاعُ، وَيُعَجَّلُ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّهُ إنْ بِيعَ بِمِثْلِ دَيْنِهِ فَإِنْ بِيعَ بِدَنَانِيرَ وَدَيْنُهُ دَرَاهِمُ أَوْ بِيعَ بِدَرَاهِمَ وَدَيْنُهُ دَنَانِيرُ وَقَفَ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ فَيُبَاعُ حِينَئِذٍ فِي حَقِّهِ لِمَا يُرْجَى مِنْ غَلَاءِ ذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ الَّتِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْبِضَهَا، وَيَرْجُو مِنْ الرِّبْحِ فِي نَقْلِهَا إلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ مَا لَا يَرْجُوهُ الْآنَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُبَاعَ فَيُعَجِّلَ مِنْ ثَمَنِهِ دَيْنَهُ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرَّهْنِ.

(فَصْلٌ) :

وَإِنْ بِيعَ بِقَمْحٍ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ قَمْحٌ مِثْلُهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُبَاعَ بِدَنَانِيرَ وَدِينُهُ دَنَانِيرُ أَوْ يُبَاعَ بِدَرَاهِمَ وَدَيْنُهُ دَرَاهِمُ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إنَّهُ إنْ بِيعَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الْإِدَامِ أَوْ الشَّرَابِ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي لَهُ صِفَةً وَجِنْسًا وَجَوْدَةً فَإِنِّي أَسْتَحْسِنُ أَنَّ لَهُ تَعْجِيلَهُ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِيهِ مِثْلَهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمُ كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَا فِي حُكْمِهِمَا وَكَذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ بِيعَ بِمِثْلِ حَقِّهِ فَلْيُعَجِّلْ لَهُ.

وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ طَعَامًا بِيعَ فَيَأْبَى أَنْ يَتَعَجَّلَهُ فَذَلِكَ لَهُ فَاعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِضَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ بِيعَ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِمَالِهِ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُوضَعُ رَهْنًا بِيَدِهِ إلَى حُلُولِ حَقِّهِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَكَذَلِكَ إنْ بَيْع بِعَرَضٍ بِمِثْلِ حَقِّهِ أَوْ مُخَالِفٍ لَهُ وُضِعَ لَهُ رَهْنًا، وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيلُهُ بِغَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَا مِثْلَ لَهُ لَا تَكَادُ تَصِحُّ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ فَقَدْ يَجِدُ عِنْدَ الْأَجَلِ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ، وَأَيْسَرُ عَلَيْهِ فِيمَا يُجْزِئُ عَنْهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ ثُمَّ يُعْطَى حَقَّهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ رَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ يَحْلِفُ، وَيُعْطَى حَقَّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ فِيهِ وَفَاءُ حَقِّ الَّذِي أَنْظَرَهُ، فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ فَبَيَّنَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْأَصْلِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُعْسِرِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ كَانَ أَصْلُ دَيْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ جَازَ ذَلِكَ مَا لَمْ يُقْرِضْهُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ الْآخَرُ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ جَازَ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ أَقْرَضَاهُ وَارْتَهَنَا مِنْهُ دَارًا أَوْ ثَوْبًا وَقَضَى أَحَدُهُمَا خَرَجَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَتَبَاهُ فِي ذِكْرٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ، وَلِلْآخَرِ شَعِيرٌ جَازَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقْضِيَ دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ كَتَبَاهُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَاحِدٍ، أَوْ يَكُونُ الرَّهْنُ لَهُمَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>