للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَصْرِفَ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِحَظِّهِمْ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَالْقِلْدُ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْهَا أَنْ يُؤْخَذَ قَدْرٌ وَيُثْقَبَ فِي أَسْفَلِهَا ثُقْبٌ وَيَمْلَأُ مِنْ الْمَاءِ وَيَكُونُ قَدْرُ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مِقْدَارَ مَا يَجْرِي مَاؤُهُ عَلَى ثُقْبِهِ تِلْكَ فَتُمْلَأُ وَلَا يَزَالُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ مِنْ الْمَاءِ يَأْخُذُ مَاءَ الْعَيْنِ كُلَّهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا شَاءَ إلَى أَنْ يَفْنَى مَاءُ الْقِدْرِ ثُمَّ يُمْلَأُ لِلَّذِي يَلِيه مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً بِحَسَبِ حِصَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ مَأْمُونَيْنِ، أَوْ يَتَرَاضَى الشُّرَكَاءُ عَمَّنْ شَاءُوا، أَوْ يُؤْخَذُ قِدْرٌ فَخَّارٌ، أَوْ غَيْرُهُ يُثْقَبُ فِي أَسْفَلِهِ بِمِثْقَبٍ ثُمَّ يُرْفَعُ الْمِثْقَبُ ثُمَّ يُعَلَّقُ الْقِدْرُ وَيُجْعَلُ تَحْتَهُ قَصْرِيَّةٌ وَيُعَدُّ مَاءٌ فِي جِرَارٍ فَإِذَا انْصَدَعَ الْفَجْرُ صُبَّ الْمَاءُ فِي الْقِدْرِ فَسَالَ الْمَاءُ مِنْ الثُّقْبِ فَكُلَّمَا هَمَّ الْمَاءُ أَنْ يَنْصَبَّ صُبَّ حَتَّى يَكُونَ سَيْلُ الْمَاءِ مِنْ الثُّقْبِ مُعْتَدِلًا النَّهَارَ كُلَّهُ وَاللَّيْلَ كُلَّهُ إلَى انْصِدَاعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يُنَحَّى الْقِدْرُ وَيُقْسَمُ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى أَقَلِّهِمْ سَهْمًا كَيْلًا، أَوْ وَزْنًا ثُمَّ يُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِدْرٌ يَحْمِلُ سَهْمَهُ مِنْ الْمَاءِ وَيُثْقَبُ كُلَّ قِدْرٍ مِنْهَا بِالْمِثْقَبِ الَّذِي ثَقَبَ بِهِ الْقِدْرَ الْأَوَّلَ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ السَّقْيَ عَلَّقَ قِدْرَهُ بِمَائِهِ وَصَرَفَ الْمَاءَ كُلَّهُ إلَى أَرْضِهِ فَيَسْقِي مَا سَالَ الْمَاءُ مِنْ قِدْرِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ يَقْسِمُ فَإِنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ اسْتَهَمُّوا عَلَى ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ» اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يُرْسِلُ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْمَاءِ فِي حَائِطِهِ وَيُسْقِي بِهِ حَتَّى إذَا بَلَغَ الْمَاءُ مِنْ قَاعَةِ الْحَائِطِ إلَى كَعْبَيْ مَنْ يَقُومُ فِيهِ أَغْلَقَ مَدْخَلَ الْمَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ بَلَغَنَا أَنَّهُ إذَا سَقَى بِالسَّيْلِ الزَّرْعَ أَمْسَكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ شِرَاكَ نَعْلَيْهِ، وَإِذَا سَقَى النَّخِيلَ وَالشَّجَرَ وَمَا لَهُ أَصْلٌ أَمْسَكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَحْبِسَ فِي الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَمَا لَهُ أَصْلٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الرَّيِّ وَفِي الْمُزَنِيَّة عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْأَوَّلَ يَسْقِي حَتَّى يُرْوَى حَائِطُهُ ثُمَّ يُمْسِكُ بَعْدَ رَيِّ حَائِطِهِ فِيمَا كَانَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ إلَى أَسْفَلَ ثُمَّ يُرْسِلُ.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تَفْسِيرُهُ أَنْ يَجْرِيَ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَاءِ فِي سَاقِيَتِهِ إلَى حَائِطِهِ قَدْرَ مَا يَكُونُ الْمَاءُ فِي السَّاقِيَةِ إلَى كَعْبَيْهِ حَتَّى يُرْوَى حَائِطُهُ، أَوْ يَبْقَى الْمَاءُ فَإِذَا رُوِيَ حَائِطُهُ أَرْسَلَهُ كُلَّهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ مُزَيْنٍ رِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَحْسَنُ مَا فِيهِ وَاَلَّذِي رُوِيَ مُسْنَدًا فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنْ الْحِرَّةِ يَسْقِي بِهِ النَّخْلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْقِ يَا زُبَيْرُ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ أَرْسِلْ إلَى جَارِك قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: إنْ كَانَ ابْنُ عَمَّتِك فَتَلَوَّنَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ إلَى الْجِدْرِ، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء: ٦٥] الْآيَةَ فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَقَدَّرَتْ الْأَنْصَارُ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْجِدْرِ فَكَانَ ذَلِكَ إلَى الْكَعْبَيْنِ» .

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْحَائِطِ أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَعْدِلَ أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى أَرْضِهِ كُلِّهَا إلَى الْكَعْبَيْنِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عُلُوُّ بَعْضِ أَرْضِهِ مَا لَا يَبْلُغُ إلَى الْكَعْبَيْنِ إلَّا بِأَنْ يَعْلُوَ فِي بَعْضِهِ قَامَتَيْنِ وَلَكِنْ إنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ سَقَى كُلَّ مَكَان مُسْتَوٍ عَلَى حِدَتِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» .

(ش) : قَوْلُهُ «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْوَاضِحَةِ مَعْنَى ذَلِكَ فِي آبَارِ الْمَاشِيَةِ الَّتِي فِي الْفَلَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مُنِعَ فَضْلُ الْمَاءِ لَمْ يُرْعَ ذَلِكَ الْكَلَأُ الَّذِي بِذَلِكَ الْوَادِي لِعَدَمِ الْمَاءِ فَصَارَ مَنْعًا لِلْكَلَأِ.

وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>