. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المنتقى]
وَهَذَا عِنْدِي إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّالِبُ قَبُولَهُ إلَّا بِتَسْلِيمِ الْحَمِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ فَلِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فَيَبْرَأَ الْحَمِيلُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَدَفَعَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا بِتَوْكِيلِ الْغَرِيمِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فَيَبْرَأَ بِذَلِكَ الْغَرِيمُ.
(فَرْعٌ) وَهَذَا عَلَى إطْلَاقِ الْحَمَالَةِ، وَلَوْ شَرْط الْحَمِيلُ عَلَى الطَّالِبِ إذَا لَقِيت غَرِيمَك فَتِلْكَ بَرَاءَتِي فَقَدْ رَوَى حُصَيْنُ بْنُ عَاصِمٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ إنْ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَقَدْ بَرِئَ وَلَهُ شَرْطُهُ، وَلَوْ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْحَمِيلُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِحْضَارِ أَنْ يُحْضِرَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ حَيْثُ تُنَفَّذُ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، وَأَمَّا إنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ حَبْسَهُ، أَوْ لَا سُلْطَانَ فِيهِ وَلَا حَاكِمَ، أَوْ حَالَ فِتْنَةٍ أَوْ مَفَازَةٍ، أَوْ مَوْضِعٍ يَقْدِرُ الْغَرِيمُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ قَالَهُ كُلُّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَسْلَمَهُ إلَيْهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي دَمٍ، أَوْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ بَرِئَ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ قَدْ بَرِئْت إلَيْك مِنْهُ وَهُوَ فِي السِّجْنِ فَشَأْنَك بِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا تَكُونُ الْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمٍ مُتَمَكَّنٍ بِهِ مِنْ طَلَبِ حَقِّهِ، وَأَمَّا بِتَسْلِيمٍ لَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ طَلَبِ حَقِّهِ وَاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ فَلَيْسَ هُوَ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْغَرَضِ مِنْ الْحَمَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ بِهِ الْحَمِيلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
١ -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ مَاتَ الْغَرِيمُ لَسَقَطَتْ الْحَمَالَةُ عَنْ الْحَمِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَحَمَّلَ لِلطَّالِبِ بِإِحْضَارِ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً وَنَفْسُهُ قَدْ ذَهَبَتْ لِمَوْتِهِ وَعُدِمَ بِذَلِكَ شَرْطُ التَّمَكُّنِ مِنْ إحْضَارِهَا.
(فَرْعٌ) وَهَذَا إنْ مَاتَ بِبَلَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْحَمِيلَ إحْضَارُهُ، أَوْ بَعْدَهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ حَانَ الْأَجَلُ فَلَمْ يُطْلَبْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا أُبَالِي مَاتَ غَائِبًا، أَوْ فِي الْبَلَدِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ لَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ يَغْرَمُ فِي مَوْتِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ، أَوْ بَعُدَتْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَوْ خَرَجَ إلَيْهِ لَجَاءَ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَجِيءَ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَالِ بِمَغِيبِ الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ لَهُ يَتَسَبَّبُ بِهِ إلَى اسْتِيفَاءِ مَالِهِ فَلَمَّا لَمْ يَفِ بِذَلِكَ لَزِمَهُ الْمَقْصُودُ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَيْهِ بِمَا تَعَذَّرَ مِنْ إحْضَارِهِ وَهُوَ الْمَالُ.
١ -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا حَانَ الْأَجَلُ فَطَلَبَ الْحَمِيلُ بِالْغُرْمِ، وَقَدْ غَابَ فَسَأَلَ أَنْ يُؤَجِّلَ الثَّانِيَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى الطَّالِبِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلْيَغْرَمْ مَكَانَهُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا غَابَ الْغَرِيمُ قُضِيَ عَلَى الْحَمِيلِ بِالْغُرْمِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ لِيَطْلُبَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ وَهْبٍ مَنْعَ التَّأْجِيلِ الْبَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَلَا يُمْنَعُ التَّأْجِيلُ الْخَفِيفُ الْقَرِيبُ الْغَيْبَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ إنْ ضُرِبَ لَهُ أَجَلٌ قَرِيبٌ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ ضُرِبَ لَهُ أَجَلٌ بَعِيدٌ دَخَلَتْ مَضَرَّةٌ عَلَى الطَّالِبِ وَفِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ رَجَاءَ أَنْ يُحْضِرَهُ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهَا عَلَى الطَّالِبِ فَيَبْرَأُ الْحَمِيلُ وَلَا يُسْتَضَرُّ الطَّالِبُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ كَانَ لِلْغَرِيمِ مَالٌ حَاضِرٌ فَسَأَلَ الْحَمِيلُ أَنْ يُبَاعَ لَهُ فَفِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ بِيعَ مَالُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى يَوْمَيْنِ فَلَا وَلْيُكَاتِبْ حَتَّى يَبْعَثَ، أَوْ يَيْأَسَ مِنْهُ فَيُبَاعُ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَخَّرُ حَمِيلُ الْمَالِ وَهُوَ كَالْغَرِيمِ نَفْسِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُبَاعُ لَهُ الرِّبَاعُ وَغَيْرُهَا، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فِي الرِّبَاعِ.
وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي عَشْرَتِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ فِيهَا، وَأَمَّا بَيْعُهَا فِي الدَّيْنِ فَقَوْلُهُ أَنَّهَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَوَفَائِهِ، مُخَالَفَةُ الْعُتْبِيَّةِ لِرِوَايَةِ يَحْيَى فِي عَشْرَتِهِ وَمُتَضَمَّنُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي بَيْعِهَا فِي الدَّيْنِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ غَابَ الْغَرِيمُ فَتَلَوَّمَ عَلَى الْحَمِيلِ ثُمَّ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ