للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا رَجَعَتْ إلَى وَرَثَةِ الْمُعْطِي وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا رَجَعَتْ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَمَعْنَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُعْطِي بَطَلَتْ الْهَدِيَّةُ فَرَجَعَتْ إلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطَى صَحَّتْ الْهَدِيَّةُ فَكَانَتْ لِوَرَثَتِهِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِثْلُهُ مُفَسَّرًا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَلَا حَقَّ فِيهَا لِلْمُعْطَى وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ يُفْسِدُ الْهَدِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ الْمُهْدَى حَيًّا.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْإِشْهَادَ يَقُومُ مَقَامَ الْحِيَازَةِ، فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنْ يُذْكَرَ ذَلِكَ لِلْعُدُولِ حِينَ الشِّرَاءِ، أَوْ غَيْرِهِمْ حَتَّى يُشْهِدَهُمْ وَاَلَّذِي يُجْزِئُ مِنْ الْإِشْهَادِ قَالَ مُحَمَّدٌ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَشْهِدُوا عَلَيَّ فَهَذَا إشْهَادٌ تَامٌّ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ قَالَ لِرَسُولَيْنِ: ادْفَعَا ذَلِكَ إلَى فُلَانٍ فَإِنِّي وَهَبْته ذَلِكَ فَهِيَ شَهَادَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فَإِنِّي وَهَبْته فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ، وَإِنْ شَهِدَا بِذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إشْهَادًا، أَوْ يَصِلَ ذَلِكَ إلَى الْمُعْطَى فِي حَيَاةِ الْمُعْطِي.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَا مِنْهُ مَا يَقْتَضِي تَبْتِيلَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ بِهَا فِي الْإِتْيَانِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُ مِنْ تَبْتِيلِهَا، فَقَوْلُهُ إنِّي قَدْ وَهَبْته إيَّاهَا مَعَ أَمْرِ الْحَامِلِينَ بِإِيصَالِهَا إلَى الْمُعْطَى يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ بِهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُجْزِي إلَّا الْقَصْدُ إلَى الْإِشْهَادِ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُفْعَلَ فِي أَمْرِهَا فَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ الْعُدُولَ حِينَ الشِّرَاءِ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْإِشْهَادَ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمُعْطِي فَهِيَ لَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حِيَازَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْقَصْدُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُعْطِي وَلَا قُبِضَتْ فِي حَيَاتِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِغَيْرِ يَدِ الْمُعْطَى فَحِيَازَةُ الْمُعْطِي بِالطَّلَبِ لَهَا أَقْوَى.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ عَلَى رَجُلٍ فَطَلَبَهُ الْمُعْطِي وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَجِدْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْطَى قَالَ هُوَ نَافِذٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُعْطَى فَالْإِشْهَادُ فِيهِ وَطَلَبُ الْمُعْطِي لَهُ حَوْزٌ كَالدَّيْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْت بِهَا عَلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقَبْضِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ عَلِمَ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ فَتِلْكَ حِيَازَةٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ صَارَ حَائِزًا لِلْمُعْطَى فَلَوْ دَفَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُعْطِي ضَمِنَهَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةُ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَتَبَ إلَى وَكِيلِهِ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ فَأَعْطَاهُ الْوَكِيلُ خَمْسِينَ وَمَاتَ الْمُعْطَى قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ مَا قَبَضَ؛ لِأَنَّ وَكِيلَهُ بِمَنْزِلَتِهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ أَنَّ الْوَكِيلَ مَأْمُورٌ بِالدَّفْعِ فَهُوَ فِيهِ نَائِبٌ عَنْ الْمُعْطِي وَالْمُودَعُ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لِلْمُعْطَى صَارَ حَافِظًا لَهَا وَصَارَتْ يَدُهُ يَدَهُ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَأَشْهَدَ صَحَّتْ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ الْمُعْطِي دَعْهَا لِي بِيَدِك وَمَعْنَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ تَعُودَ يَدُ الْمُودَعِ لِلْمُعْطِي فَيَكُونُ قَابِضًا لَهُ وَحَافِظًا لِمَا أَعْطَى بِأَمْرِهِ فَتَصِحُّ بِذَلِكَ الْحِيَازَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَعْطَى رَجُلًا غَلَّةَ كَرْمِهِ سِنِينَ، أَوْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ بِالرَّقَبَةِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ، قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: ذَلِكَ جَائِزٌ وَالصَّدَقَةُ لِلِابْنِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلسَّاكِنِ الْحِيَازَةَ لِابْنِهِ، وَلَوْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ لَكَانَ حَسَنًا، قَالَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِيهَا وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُوَ حِيَازَةٌ لِمَنْ أَعْطَى الرَّقَبَةَ، وَإِنْ كَانَ أَسْكَنَ ثُمَّ أَعْطَى الرَّقَبَةَ فَإِنْ رَجَعَتْ الرَّقَبَةُ وَالْمُعْطِي حَيٌّ فَهِيَ لِلْمُعْطَى وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي، أَوْ أَفْلَسَ، أَوْ مَرِضَ قَبْلَ أَنْ يُرْجِعَ الرَّقَبَةَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُعْطَى قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ أَخْدَمَ رَجُلًا عَبْدًا ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>