للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهَا رِوَايَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ عِتْقِ الْقَتْلِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلظِّهَارِ مَا يُطْعِمُ عَنْهُ أَطْعَمَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَنْتَقِلَ الْفَرْضُ إلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الصِّيَامِ وَالْعِتْقِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ عَنْ ظِهَارٍ فَلَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَهُ أَطْعَمَ عَنْهُ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ ثُمَّ الْكَفَّارَاتُ يَبْدَأُ مِنْهَا مَا فِيهِ عِتْقٌ عَلَى الطَّعَامِ ثُمَّ إطْعَامُ الظِّهَارِ فَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا إذَا انْتَقَلَتْ إلَى الطَّعَامِ لِنَقْصِ حِصَّتِهَا مِنْ الثُّلُثِ عَنْ الْعِتْقِ نَقَصَتْ رُتْبَتُهَا عَنْ رُتْبَةِ مَا لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْعِتْقِ فِي الْوَصِيَّةِ.

١ -

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ إطْعَامُ السِّتِّينَ أَطْعَمَ مَا بَلَغَ وَإِنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ أُعِينَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُطْعِمْ فِي كَفَّارَةٍ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ وَقَدْ صَارَ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ أَكْثَرُ مِنْ السِّتِّينَ كَانَ اسْتِيعَابُ ذَلِكَ أَوْلَى وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِالْعَوْنِ فِي رَقَبَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ أَنْ لَا تَبْطُلَ بِالتَّبْعِيضِ وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يُوصِ إلَّا بِكَفَّارَةِ قَتْلٍ فَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهَا أَيَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ: يُعَانُ بِهَا فِي رَقَبَةٍ قَالَ عِيسَى قَالَ أَصْبَغُ يُعَانُ بِهَا.

(فَصْلٌ) :

وَلَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَلَى رِوَايَةِ الْمُحَاصَّةِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ مَعْنَى التَّحَاصُصِ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا وَقَعَ لِلظِّهَارِ أُطْعِمَ بِهِ وَمَا وَقَعَ لِلْقَتْلِ أُعِينَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْمُحَاصَّةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُقَسِّمُ مَا أَصَابَ الرَّقَبَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ابْتَدَأَ بِالْقَتْلِ، وَقَالَ يُحَاصُّ بَيْنَهُمَا وَرَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيُّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ ثُمَّ إطْعَامُ الظِّهَارِ ثُمَّ كَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهِمَا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهَا أَثْبَتُ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَكَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلِلْعِتْقِ تَأْثِيرٌ فِي التَّقْدِيمِ فَمَا كَانَ حُكْمُ الْعِتْقِ فِيهِ أَثْبَتُ كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ.

(فَرْعٌ) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فِيمَا عُلِمَ فَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِهَا تَنَحِّيًا، أَوْ تَحَرُّجًا فَلَا تَبْدَأُ هَذِهِ وَهِيَ كَالْوَصَايَا بِالصَّدَقَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ثُمَّ كَفَّارَةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ ثَابِتَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَكَفَّارَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ ثَابِتَةٌ بِخَبَرِ آحَادٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

ثُمَّ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَكَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ ثَابِتَةٌ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى أَنَّ قَوْلَنَا: إنَّ أَخْبَارَ الْآحَادِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَحَاصَّا.

وَقَدْ رَأَيْت أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْحَقِّ ذَكَرَ تَأْثِيرَ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ وَالنَّذْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَفَّارَةَ تَفْرِيطِ الْقَضَاءِ وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا فَقَالَ يَتَحَاصَّانِ.

وَقَالَ يَبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْقَتْلِ إذْ لِلْكَفَّارَةِ لِلظِّهَارِ بَدَلٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ بِالْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْحَقِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ قِيلَ أَنَّهُ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لِأَبِي الْعَبَّاسِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بَعْدَ عِتْقِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ ثُمَّ الْعِتْقِ الْبَتْلُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْمَرَضِ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: ثُمَّ الْكَفَّارَاتُ، وَيَبْدَأُ مِنْهَا بِمَا فِيهِ عِتْقٌ ثُمَّ الْإِطْعَامُ ثُمَّ كَفَّارَاتُ الْأَيْمَانِ وَهُوَ الْأَوَّلُ الَّذِي أَوْرَدَهُ عِنْدَ الِاسْتِيعَابِ، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا عَلَيْهِ مَا يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا أُمُورٌ لَازِمَةٌ لِأَسْبَابٍ مُوجِبَةٍ وَوُجِدَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ وَالْمُبْتَلَّ فِيهِ يَبْدَأُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْمُبْتَلُّ فِي الْمَرَضِ يَبْدَأُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِيهِ وَالْمُدَبَّرُ فِيهِ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَتَحَاصَّانِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُوصَى بِعِتْقٍ وَجْهُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُدَبَّرِ وَالْمُبْتَلِّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُمَا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ أَحَدِهِمَا وَبِذَلِكَ فَارَقَا الْمُوصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>