للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ بَاعَهَا بِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا فِي دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ وَحَيَوَانًا وَعُرُوضًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَطَلَب الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي خُذْ مَا اشْتَرَيْت جَمِيعًا فَإِنِّي إنَّمَا اشْتَرَيْته جَمِيعًا قَالَ مَالِكٌ بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ يُقَامُ كُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِاَلَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ الثَّمَنِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَمْنَعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ قَدْ وَجَبَ فِي الشِّقْصِ الْمُشْتَرَى وَأَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ فِي أَخْذِهِ أَوْ تَرْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ أَنْ يُسْقِطَا حَقَّهُ مِنْهُ بِالْإِقَالَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْإِقَالَةِ وَتَكُونُ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْ لَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِهِمْ فِي الْإِقَالَةِ هِيَ بَيْعٌ حَادِثٌ أَمْ نَقْضُ بَيْعٍ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهَا نَقْضُ بَيْعٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ لَمَّا كَانَتْ مُبْطِلَةً لِحَقِّ الشَّفِيعِ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَلُزُومِهِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ إنْ رَأَى أَنَّ الْإِقَالَةَ كَانَتْ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ فَهِيَ بَاطِلٌ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ، وَإِنْ رَأَى أَنَّهَا عَلَى الصِّحَّةِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِذَا قُلْنَا أَنَّهَا بَيْعٌ حَادِثٌ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِالْإِقَالَةِ فَتَكُونُ عُهْدَتُهُ إنْ شَاءَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ التَّسَاوِي فِي الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ بَيْعٌ حَادِثٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي أَيِّهِمَا شَاءَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ لِأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ، وَكَذَلِكَ الشُّفْعَةُ فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بَيْعٌ حَادِثٌ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهَا قَبْلَ الْإِقَالَةِ كَمَنْ بَاعَ شَرِيكَهُ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ، ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : مَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ مِمَّا فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَعَهُ فِي الصَّفْقَةِ مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْحَائِطِ كَعَبِيدِهِ الْعَامِلِينَ فِيهِ وَدَوَابِّهِ وَآلَتِهِ أَوْ يَكُونَ مِمَّا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ آلَتِهِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ مَا بَيْعَ مَعَ الْحَائِطِ مِنْ آلَتِهِ وَرَقِيقِهِ أَنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ الْحَائِطِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ كَالْعَيْنِ تُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالدَّوَابُّ وَالرَّقِيقُ وَالْآلَةُ أَنَّهُ كَبَعْضِهِ يُرِيدُ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِلْحَائِطِ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أُضِيفَ إلَيْهِ يَوْمُ الصَّفْقَةِ وَقَدْ كَانَ أُخْرِجَ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ فَهَذَا عَلَى مَا قَالَ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ التَّبَعِ إذَا كَانَ قَدْ أَثَّرَ فِي الْحَائِطِ عَمَلُهُ، أَوْ الْعَمَلُ بِهِ فَأَمَّا مَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ بَعْدُ فِي الْحَائِطِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَأْثِيرٌ فَلَا يَكُونُ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْحَائِطِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِالْمَبِيعِ وَلَا تَبَعًا لَهُ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ شِقْصًا وَثَوْبًا بِثَمَنٍ مَا أَنَّ الثَّمَنَ يَفِضْ عَلَى الشِّقْصِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَصَابَ الشِّقْصَ فَهُوَ ثَمَنُهُ وَبِهِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ إنْ شَاءَ وَمَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَهُوَ ثَمَنُهُ وَيَبْقَى لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ اسْتَوْجَبَ الشِّقْصَ قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهُ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الْقِيمَةِ دُونَ خِيَارٍ لَهُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَمَّا أَنْ يَسْتَوْجِبَهُ عَلَى أَنِّي قَدْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ فَلِذَلِكَ تَأْثِيرٌ عِنْدِي فِي طُولِ أَمَدِ الشُّفْعَةِ وَلَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>