للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضًا فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِينًا، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إنْ ثَبَتَ حَقُّهُ، وَإِنْ مَا أَغَلَّتْ الْأَرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إلَى يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الْآخَرِ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ قَالَ فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، أَوْ هَلَكَ الشُّهُودُ، أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ هُمَا حَيَّانِ فَنَسِيَ أَصْلَ الْبَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ لِطُولِ الزَّمَانِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ وَقُرْبِهِ وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ ثَمَنُهَا فَيَصِيرُ ثَمَنًا إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى مَا زَادَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ غِرَاسٍ، أَوْ عِمَارَةٍ فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنْ ابْتَاعَ الْأَرْضَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ يَوْمَ بَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ، ثُمَّ أَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ) .

ــ

[المنتقى]

الْعَقْدِ اللَّازِمِ وَمِنْهُ ضَمَانُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا أَفْلَسَ مُبْتَاعُ الشِّقْصِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهِ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِعَيْنِ مَالِهِ إلَّا مَعَ عَدَمِ الثَّمَنِ الَّذِي لَهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الشَّفِيعِ بِهِ بِنَفْسِ ابْتِيَاعِ الْمُفْلِسِ لَهُ فَكَانَ الشَّفِيعُ أَحَقَّ بِهِ وَإِذَا رَجَعَ الشِّقْصُ إلَى بَائِعِهِ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ارْتِجَاعَ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ عِنْدَ فَلَسِ الْمُفْلِسِ يَنْقُلُ الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّهُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَكَانَ ذَلِكَ تَبَعًا لَهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ وَتَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَلَوْ سَلَّمَ الشِّقْصَ وَأَرَادَ مُحَاصَّةَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ فَبَاعَهُ الْإِمَامُ لِلْغُرَمَاءِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ بَعْضَهَا بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ ابْتِيَاعٍ أَقْدَمَ مِنْ ابْتِيَاعِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَقْضِي لَهُ بِمَا اسْتَحَقَّ مِنْ الدَّارِ قَالَ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَاقِيَهَا بِالشُّفْعَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدَّرَ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ الدَّارِ إلَى الْبَائِعِ لَمَّا اسْتَحَقَّ مِنْهُ نِصْفَهَا لَكَانَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لَا يَقْطَعُ شُفْعَتَهُ رَدُّ الْمُبْتَاعِ إلَى مَا بَقِيَ بِيَدِهِ إلَى الْبَائِعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ الْبَيْعِ وَقَدْ نُقِلَ الْبَيْعُ مَا بَقِيَ فِيهَا إلَى مِلْكِ الْمُبْتَاعِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ فَلَا يُبْطِلُهُمَا رَدُّهَا إلَى الْبَائِعِ كَمَا لَوْ أَقَالَهُ مِنْ جَمِيعِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَنَّ مَا أَغَلَّتْ الْأَرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَمِنْ ضَمَانِهِ وَلَوْ تَلِفَ جَمِيعُهَا، أَوْ هَلَكَ مَا فِيهَا مِنْ غَرْسٍ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ لَهُ يُرِيدُ مَا كَانَ لَهُ حُكْمُ الْغَلَّةِ مِثْلُ الثَّمَرَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ مِثْلُ الْوَدِيِّ فَإِنَّهُ مِثْلُ وَلَدِ الْحَيَوَانِ فَلَهُ حُكْمُهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الثَّمَرَةِ لِمَا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ وَأَمَّا مَا أُخِذَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي وَلَا ثَمَرَ فِيهَا لَمْ يُؤَبَّرْ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ أُبِّرَتْ، أَوْ أَزْهَتْ فَهِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ وَسَقَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تَفُتْ بِجِدَادٍ، أَوْ يُبْسٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا وَهِيَ لِلْمُبْتَاعِ وَلَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي مُزْهِيَةً أَوْ مَأْبُورَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ هِيَ لِلْمُشْتَرِي كَيْفَ كَانَتْ وَلَوْ يَبِسَتْ أَوْ جَدَّهَا الْمُشْتَرِي، أَوْ بَاعَهَا، أَوْ أَكَلَهَا لِغُرْمِ الْمَكِيلَةِ إنْ عَرَفَهَا، أَوْ قِيمَتُهَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا ضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنْ النَّخْلِ فَإِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُغَرِّمَهُ ثَمَنَ ذَلِكَ، أَوْ قِيمَتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَلِفَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَوْ قَلَعَ النَّخْلَ، أَوْ قَطَعَهَا أَوْ كَانَتْ دَارًا فَهَدَمَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا كَمَا هِيَ وَلَا يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِمَّا هُدِمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْضُ حَاضِرًا فَيَأْخُذَهُ أَوْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ مَا اسْتَحَقَّ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>