للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

بِهِ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي مَيِّتٍ لَحِقَهُ دَيْنٌ فَبَاعَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَرْضَهُ مُزَايَدَةً فَقَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَا أُؤَدِّي مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ مَا عَلَيَّ وَآخُذُ بَقِيَّةَ نَصِيبِ شُرَكَائِي بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ فِي بَقِيَّةِ مَا يُبَاعُ مِنْ الْأَرْضِ تَمَامُ ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ أَوْفَى ثَمَنَ الْأَرْضِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْضُوا دَيْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَتَمَسَّكُوا بِالْأَرْضِ فَإِنْ سَلَّمَهَا بَعْضُهُمْ فَمَنْ تَمَسَّكَ بِحَظِّهِ مِنْهَا لَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا سَلَّمَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ بَائِعُونَ وَهُوَ شَرِيكٌ لَهُمْ مُتَمَسِّكٌ بِحَظِّهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ مِنْ سِهَامِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ قَصُرَ ثَمَنُ الْأَرْضِ عَنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُخْرِجُوا قَدْرَ الثَّمَنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَتَمَسَّكُوا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهُمْ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ النَّاسِ فَإِنْ زَادُوا عَلَى مَا أَعْطَى غَيْرُهُمْ بِالْأَرْضِ اشْتَرَوْا الْأَرْضَ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ زَادَ وَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَمَنْ زَادَ مِنْهُمْ مُشْتَرٍ لَا وَارِثَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ مَعَ مَنْ شَرَكَهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ وَارِثٍ وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى مَا أَعْطَى غَيْرُهُمْ فَمَنْ أَعْطَى أَوَّلًا ذَلِكَ الثَّمَنَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَالْوَرَثَةُ والأجنبيون فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.

وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ فِي الْمُتَوَفَّى يُحِيطُ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ شُفْعَتِهِ وَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُهَا فَإِنْ أَخَذُوهَا بِمَالِ الْمَيِّتِ فَلِلْغُرَمَاءِ الثَّمَنُ وَالْفَضْلُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا حُقُوقَهُمْ فَمَا بَقِيَ فَلِلْوَرَثَةِ فَإِنْ أَخَذُوهَا بِمَالِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ بِيعَتْ وَقَضَى بِالْفَضْلِ دَيْنَهُ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ إلَّا الثَّمَنَ، أَوْ أَقَلَّ لَمْ تُبَعْ عَلَيْهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ لِمَالِكٍ فِيهَا تَفْسِيرٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ أَشْهَبُ وَكَانَ يُعْجَبُ بِهِ سَحْنُونٌ وَيَرَاهُ أَصْلًا وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ مَالِكٌ يُبْدَأُ بِالْوَرَثَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ إنْ قَضَيْتُمْ الدَّيْنَ فَلَكُمْ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بَعْدَ الدَّيْنِ فَإِنْ أَبَوْا أَوْ بِيعَ مِيرَاثُ الْمَيِّتِ لِدَيْنٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ الَّذِي يُشْفَعُ بِهِ قَدْ بِيعَ وَلَمْ يَمْلِكُوهُ فِي مَالٍ وَلَا حَلُّوا مَحَلَّ الْمَيِّتِ لِتَبَرِّيهِمْ مِنْ تَرِكَتِهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ وَإِذَا أَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ وَأَحَبُّوا أَنْ يُبَاعَ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَرِثُوهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يَمْلِكُونَ الشِّقْصَ الَّذِي ثَبَتَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِيَبِيعَهَا، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ لِيُبَاعَ.

وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَوْ قَالَ قَائِلٌ لَيْسَ لِمَنْ أَحَاطَ بِهِ الدَّيْنُ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ لِيُبَاعَ فِي دَيْنِهِ مَا عَقِبَهُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ الشُّفْعَةِ مَا فِيهِ إلَّا صَلُحَ لَهُ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا الْبَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مَوْرُوثٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنَعَ مِنْهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ» وَهَذَا عَامٌّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا خِيَارٌ ثَابِتٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْوَرَثَةِ كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالثُّلُثِ فَبَاعَ السُّلْطَانُ ثُلُثَ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ الْمَيِّتِ قَسَمُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ يُرِيدُ أَنَّ بَيْعَ الْجُزْءِ مِنْ الْمُشَاعِ قَدْ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ ثَمَنِهِ لَوْ مُيِّزَ بِالْقِسْمَةِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلِمَا يُخَافُ مِنْ الشُّفْعَةِ فَقَدْ يَمْتَنِعُ الرَّاغِبُ فِي الْمِلْكِ مِنْ شِرَائِهِ إذَا عَرَفَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّعَرُّضِ لِشِرَائِهِ إلَّا ثُبُوتُ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ لِلشَّفِيعِ وَالْعَنَاءُ فِي النَّقْدِ وَالِانْتِقَادِ وَعَقْدُ عُهْدَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَهُ وَالْأُخْرَى عَلَيْهِ وَقَدْ يَشْتَرِي مِنْ فَقِيرٍ فَلَا يَجِدُ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ إنْ اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ يَوْمًا فَيَزِيدُ فِي ثَمَنِ الْمَقْسُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>