للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ إذَا كَاتَبَ لِقَوْمٍ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَا رَحِمَ بَيْنَهُمْ فَعَجَزَ بَعْضُهُمْ وَسَعَى بَعْضُهُمْ حَتَّى عَتَقُوا جَمِيعًا فَإِنَّ الَّذِينَ سَعَوْا يَرْجِعُونَ عَلَى الَّذِينَ عَجَزُوا بِحِصَّةِ مَا أَدَّوْا عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ) .

ــ

[المنتقى]

وَلَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ مَا تَتَأَدَّى مِنْهُ الْكِتَابَةُ أَوْ يَتَأَدَّى مِنْ نُجُومِهَا مَا يَبْلُغُونَ بِهِ السَّعْيَ دُفِعَ الْمَالُ كُلَّهُ إلَى السَّيِّدِ وَرَقَّ الْوَلَدُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ وَفَاءُ نُجُومِهِمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا السَّعْيَ مَعَ عَجْزِهِمْ وَعَجْزِ أُمِّ الْوَلَدِ عَنْ ذَلِكَ دُفِعَ الْمَالَ إلَى السَّيِّدِ فَحُسِبَ فِي أَوَّلِ نُجُومِهِمْ، ثُمَّ إذَا بَلَغُوا السَّعْيَ أَدَّوْا بِسَعْيِهِمْ، أَوْ رَقُّوا لِعَجْزِهِمْ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ وَقَدْ كُوتِبَ مَعَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ لَهُ فَأَدَّوْا الْكِتَابَةَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ لَا تَعْتِقُ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَّا مَعَ وَلَدِهِ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ قَالَ عِيسَى كَانَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مِمَّنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا بَيْعُ غَيْرِهِمْ مِنْ وَلَدٍ وَأَخٍ فَلَا تَعْتِقُ بِعِتْقِهِمْ وَقَالَهُ عِيسَى وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ بَعْضُ الْمُكَاتَبِ فَكَانَ لِأُمِّ وَلَدِ أَبِيهِمْ مَعَهُمْ حُكْمُهَا مَعَ أَبِيهِمْ، وَلَمَّا كَانَتْ تَعْتِقُ بِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ مَالًا لَهُ فَكَذَلِكَ مَعَ وَلَدِهِ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ قَالَ عِيسَى وَلَكِنْ هِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَتُبَاعُ وَيَسْتَعِينُونَ بِثَمَنِهَا إنْ أَرَادُوا ذَلِكَ وَيَتْبَعُهُمْ السَّيِّدُ بِثَمَنِهَا إنْ عَتَقُوا، وَإِنْ اسْتَغْنَوْا عَنْهَا وَعَتَقُوا رَقَّتْ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُكَاتَبِ عَائِدٌ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أُمِّ وَلَدِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَ كَاتَبَ عَلَيْهَا كَأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَتْ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لَهَا أَنْ تَسْعَى وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَأَدَّيَا فَعَتَقَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ إنْ رَضِيَتْ بِهِ وَوَلَاؤُهَا لِسَيِّدِهَا الْمُكَاتَبُ قَالَ عِيسَى قَالَهُ لِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَبَلَغَنِي عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ.

(ش) : يُرِيدُ أَنَّهُمْ مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ يَكُونُ بَعْضُهُمْ حُمَلَاءَ عَنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى جَمْعِهِمْ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَة فَإِنْ أَدَّى بَعْضُهُمْ الْكِتَابَةَ دُونَ بَعْضٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا أَقَارِبَ أَوْ أَجَانِبَ فَإِنْ كَانُوا أَجَانِبَ رَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضِ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُمْ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِفَةِ التَّرَاجُعِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ عَلَى حَسَبِ قُوَّتِهِ وَسَعْيِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجِدَّتِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَهُوَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ التَّرَاجُعُ عَلَى الْعَدَدِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْكِتَابَةِ الْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَا يُؤَدُّونَهُ يَتَقَسَّطُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.

وَقَالَ عِيسَى فِي الْمُزَنِيَّةِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ ثَمَنَ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى الْأَدَاءِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ الْحَقِيرُ ثَمَنَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَهُوَ فِي الْكَسْبِ لَهُ بَالٌ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَدَدِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَدَاءِ لَمَا صَحَّتْ كِتَابَةُ الصَّغِيرِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا أَدَاءَ فِيهِمْ فَكَانَ مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ زِيَادَةٌ أَوْ سَلَفٌ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا بَذَلَ رِقَابَهُمْ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ يَتَقَسَّطُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَيُنْظَرُ إلَى حَالِهِمْ يَوْمَ الْعَقْدِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الِاعْتِبَارُ بِقِيمَتِهِمْ يَوْمَ عَتَقُوا لَيْسَ يَوْمَ كُوتِبُوا.

وَقَالَ أَصْبَغُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ يَوْمَ عَتَقُوا إنْ لَوْ كَانَتْ حَالُهُمْ يَوْمَ كُوتِبُوا يُرِيدُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالسُّوقِ وَغَلَاءِ الْأَثْمَانِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالِاعْتِبَارَ بِصِفَاتِهِمْ يَوْمَ الْعِتْقِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ حَالُ يَوْمِ الْعَقْدِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُعْتَبَرُ بِهِمْ مِنْ حَالِهِمْ فِي التَّقْسِيطِ، فَأَمَّا مَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ يَوْمَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ مَنْ لَا سِعَايَةَ لَهُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ شَيْخٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اعْتِبَارِهِمْ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ عَقْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>