للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ أَوْصَى بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ فَإِنَّ وَلَدَهَا لَا يَعْتِقُونَ مَعَهَا إذَا عَتَقَتْ وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إنْ شَاءَ وَيَرُدُّهَا مَتَى شَاءَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا عَتَاقَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ لِجَارِيَتِهِ إنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلَانَةُ حَتَّى أَمُوتَ فَهِيَ حُرَّةٌ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ كَانَ لَهَا ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ بَاعَهَا وَوَلَدَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا جَعَلَ لَهَا قَالَ وَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ، فَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنْ السُّنَّةِ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ كَانَ كُلُّ مُوصٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْعَتَاقَةِ وَكَانَ قَدْ حَبَسَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَالًا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ إنْ كَانَ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ وَإِنْ كَانَ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي مَرَضِهِ فَقَالَ فُلَانٌ حُرٌّ وَفُلَانٌ حُرٌّ وَفُلَانٌ حُرٌّ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ إنْ حَدَثَ بِي فِي مَرَضِي هَذَا حَدَثُ مَوْتٍ، أَوْ دَبَّرَهُمْ جَمِيعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَحَاصَّوْا فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَبْدَأْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ، ثُمَّ يَعْتِقُ مِنْهُمْ

ــ

[المنتقى]

وَصِيَّةٌ مَا لَمْ يُدَبِّرْ.

فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي إيقَاعَ الْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ يُفِيدُ اللُّزُومَ وَهَذَا مَعْنَى التَّدْبِيرِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ اللُّزُومَ عَلَى مَعْنَى التَّدْبِيرِ وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَهُوَ فِي الْجَوَازِ أَظْهَرُ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَسَاوَى الْمَعْنَيَانِ فِيهِ لَكَانَ الْجَوَازُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَا لَمْ يَلْزَمْ مَا لَمْ يَقْطَعْ الْتِزَامُهُ إيَّاهُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ أَدْرَكَ الْمُعْتَقَ حَيًّا سُئِلَ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْوَصِيَّةَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي صَحِيحٍ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ يُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْوَصِيَّةَ صُدِّقَ.

وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَثَمَّ قَوْلٌ آخَرُ لِأَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ مُدَبَّرٌ وَيَجِيءُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا لَفْظُ الْمُدَبَّرِ فَقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ إذَا مِتَّ فَأَنْتَ حُرٌّ بِالتَّدْبِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إيجَابَ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ وَزَادَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنْ يَقُولَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَنْتَ حُرٌّ مَتَى مِتُّ أَوْ إنْ مِتَّ وَلَا مَرْجِعَ لِي فِيك قَالَ أَشْهَبُ وَشَبَهُ هَذَا أَفْرَدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَوْ جَعَلَهُ فِي ذِكْرِ وَصَايَاهُ وَمَعْنَى هَذَا عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّدْبِيرَ عَلَى ضَرْبَيْنِ مُطْلَقٌ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَمُقَيَّدٌ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ فَأَمَّا الْمُطْلَقُ فَهُوَ عَقْدٌ لَازِمٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي الْمَذْهَبِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ فَقَدْ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ هُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ فِيهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَيْسَ هَذَا بِتَدْبِيرٍ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَوْ عَاشَ.

وَرُوِيَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ وَصِيَّةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّدْبِيرَ أَوْ يَقْصِدَهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَيَأْتِي بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ تَدْبِيرٌ وَتَقْطَعُ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ، أَوْ يُقِرُّ أَنَّهُ أَرَادَ التَّدْبِيرَ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ حُكْمَ التَّدْبِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّزُومِ فَأَمَّا قَيْدُهَا بِشَرْطٍ خَرَجَ عَنْ مُقْتَضَى اللُّزُومِ فَحَمْلٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ إنَّهَا مُدَبَّرَةٌ تَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا حَدَثٌ وَكَتَبَ لَهَا بِذَلِكَ كِتَابًا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُحْدِثْ فِيهَا حَدَثًا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ لَفْظَ التَّدْبِيرِ يَقْتَضِي اللُّزُومَ كَالْمُطْلَقِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْأَمَةَ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا فَإِنَّ وَلَدَهَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي وَصِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ وَعَقْدَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ لَازِمٌ فَلِذَلِكَ دَخَلَ فِيهَا مَنْ يُولَدُ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا تَلِدُ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا قَدْ لَزِمَ عَقْدُ الْوَصِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>