للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثُّلُثَ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَالَ وَلَا يَبْدَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ فَهَلَكَ السَّيِّدُ وَلَا مَالَ لَهُ إلَّا الْعَبْدُ الْمُدَبَّرُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ قَالَ يَعْتِقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدَيْهِ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ مَنْ دَبَّرَ عَبِيدًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فَإِنَّهُ إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ جَمِيعِهِمْ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا دَبَّرَ عَبْدًا فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ بِتَدْبِيرِ غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا يَعْتِقُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِالثُّلُثِ وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا تَحَاصُّوا فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ حُرِّيَّتَهُمْ تَعَلَّقَتْ بِالثُّلُثِ تَعَلُّقًا وَاحِدًا فَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ فَإِنْ أَعْتَقَ جَمَاعَةً فِي كَلِمَةٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ بَعْدَهُمْ جَمَاعَةً أُخْرَى فَعَلَى حَسَبِ ذَلِكَ أَيْضًا يَبْدَأُ بِالْجَمَاعَةِ الْأُولَى فَإِنْ حَمَّلَهُمْ الثُّلُثَ وَضَاقَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ بُدِئَ بِعِتْقِ الْأُولَى وَتَحَاصَّتْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى بُدِئَ بِهَا فَتَحَاصَّتْ فِي الثُّلُثِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ فِي ذَلِكَ حَقٌّ وَمَعْنَى الْمُحَاصَّةِ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُمْ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) وَكَمْ مِقْدَارُ مَا يَكُونُ مِنْ الْفَضْلِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّةً فَبَدَأَ بِأَحَدِ عَبِيدِهِ، ثُمَّ قَامَ لِشُغْلٍ، ثُمَّ عَادَ فَكَتَبَ الْآخَرَ قَالَ يَبْدَأُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ الْمَخْزُومِيِّ فِيمَنْ دَبَّرَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَدَبَّرَ آخَرَ قَالَ هَذَانِ يَتَحَاصَّانِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ قَدْ كُنْت دَبَّرْت فُلَانًا فِي صِحَّتِي ثُمَّ دَبَّرَ آخَرَ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَاضٍ يَعْتِقُ فِي ثُلُثِهِ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ قَالَهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابَةِ ابْنِهِ قَالَ وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ بِالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَفَهُ إلَى الثُّلُثِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْمُدَبَّرَ إذَا هَلَكَ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَبَّرِ مَالٌ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ وَبَقِيَ مَالُهُ فِي يَدِهِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ يُقَوَّمُ بِمَالِهِ فِي الثُّلُثِ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَيَتْبَعُهُ إنْ خَرَجَ وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ أَقَرَّ بِيَدِهِ جَمِيعًا قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةَ دِينَارٍ وَمَالُهُ مِائَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهُ مِائَةً فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفَهُ وَيَبْقَى مَالُهُ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ وَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ رَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُجْمَعُ مَالُ الْمَيِّتِ إلَى الْمُدَبَّرِ وَمَالِهِ فَإِنْ خَرَجَ الْمُدَبَّرُ وَمَالُهُ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ عَتَقَ وَكَانَ مَالُهُ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ وَبَعْضَ مَالِهِ عَتَقَ وَكَانَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْ مَالِهِ وَرَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَ الْمُدَبَّرِ وَمَالِهِ وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَمَالُهُ ثَمَانِمِائَةٍ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ وَكَانَ لَهُ مِنْ مَالٍ مِائَتَا دِينَارٍ وَهَكَذَا يُحْسَبُ وَكَذَلِكَ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ هَكَذَا يَصْنَعُ وَهَذَا رَأْيُ ابْنِ وَهْبٍ وَبِهِ آخُذُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَفَرَّدَ بِذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ جَائِزٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَيَتْبَعُهُ مَالُهُ وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ غُلَامِي مُدَبَّرٌ وَخُذُوا مَالَهُ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَهُ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا الشَّرْطِ دَبَّرَهُ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُدَبِّرَهُ فِي الصِّحَّةِ وَلَا يُسْتَثْنَى مَالُهُ يُرِيدُ أَنْ يُنْتَزَعَ مَالُهُ فِي مَرَضِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَدْبِيرٌ يَقْتَضِي بَقَاءَ مَالِهِ بِيَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ عِنْدَ ظُهُورِ عِتْقِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ مُدَبَّرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَوْ يَنْتَزِعَهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَبَقِيَ الْمَالُ لِلْمُدَبَّرِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ بَعْدَ مَوْتِ نَفْسِهِ إذَا عَتَقَ وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنَّ مَعْنَى اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ أَنْ يُسْتَثْنَى عِنْدَ عَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>