للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

قَالَ أَصْبَغُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّهَا حَالَّةٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِهَا مِنْ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْأَبِ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ إنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ حَالَّةٌ، وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا احْتَجَّ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِسُرَاقَةَ اُعْدُدْ لِي عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ، وَلَيْسَ بِالْأَبِ الْقَاتِلِ، وَإِنَّمَا هُوَ سَيِّدٌ لِقَوْمٍ فَتَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سَيِّدُ الْعَاقِلَةِ، وَاحْتَجَّ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ قَتْلٌ لَا يُعْتَبَرُ عَمْدًا لَمَّا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَدَبِ فَكَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَقَتْلِ الْخَطَإِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ بِالْعَمْدِ أَشْبَهَ فَلَمْ تَحْمِلْهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِيهِ الْقَصْدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا الْمِائَةَ الَّتِي هِيَ لَدَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُغَلِّظَهَا بِالْعَدَدِ فَيَأْخُذَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةَ، ثُمَّ ظَهَرَ إلَيْهِ أَنَّ التَّغْلِيظَ بِالْعَدَدِ فِي الْإِبِلِ أَوْ فِي الدَّنَانِيرِ غَيْرُ سَائِغٍ فَأَعْطَى مِنْهَا مِائَةً فِي الدِّيَةِ وَتَرَكَ الْبَاقِيَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَصَّ قُدَيْدًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ بَقَاءُ الْإِبِلِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ فِي طَرِيقِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ إلَى مَوْضِعِ بَنِي مُدْلِجٍ؛ لِأَنَّ إيوَاءَ الْإِبِلِ الْحَوَاضِرِ يَشُقُّ لِقِلَّةِ سَارِحِهَا وَتَأَذِّي أَهْلِهَا بِبَقَاءِ الْإِبِلِ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا مَوَاضِعُ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ الْمَسَارِحُ وَالْفَيَافِي.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَخَذَ مِنْهَا عُمَرُ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ذِكْرُ الْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ، وَأَمَّا الْخَلِفَةُ فَهِيَ الْحَامِلُ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْخَلِفَاتُ الْحَوَامِلُ قَالَ مَالِكٌ الَّتِي فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَهِيَ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا تُبَالِ بِالْخَلِفَاتِ إذَا كَانَتْ حَوَامِلَ مِنْ أَيِّ الْأَسْنَانِ كَانَتْ، وَأَحَبُّ إلَيْنَا الثَّنِيَّاتُ إلَى بَازِلِ عَامِهَا، وَرَوَاهُ عَنْ أَشْهَبَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنَّمَا نُقِلَتْ الدِّيَةُ إلَى هَذِهِ الْأَسْنَانِ لِلتَّغْلِيظِ قَالَ أَشْهَبُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا فِي مِثْلِ فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ ثَلَاثَةُ أَسْنَانٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، وَالْقَاتِلُ فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا كَانَ الْأَبُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَالِكٌ الْجَدُّ كَالْأَبِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ الْأُمُّ كَالْأَبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَالْأَبَوَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَلَيْسَ الْأَخُ وَالْعَمُّ، وَسَائِرُ الْقَرَابَاتِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِالتَّغْلِيظِ فَفِي الْأَبِ وَأَبِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَأُمِّ الْأُمِّ، وَوَقَفَ عَنْ أَبِ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ أَمَّا أُمُّ الْأَبِ فَكَالْأَبِ، وَأَمَّا أُمُّ الْأُمِّ فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِك أَنَّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبَوَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ مَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَآهُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ جِرَاحٌ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا بِوَجْهٍ، وَجِرَاحٌ يُقْتَصُّ مِنْهَا فَأَمَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا بِوَجْهٍ كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي عَمْدِهَا، وَرَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّغْلِيظَ عِوَضٌ مِنْ سُقُوطِ الْقَوَدِ، وَهَذِهِ الْجِرَاحُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْقَوَدُ فَلَمْ تُغَلَّظْ فِيهَا الدِّيَةُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تُغَلَّظُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا دِيَةٌ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فَتَعَلَّقَ بِهَا التَّغْلِيظُ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَمَّا الْجِرَاحُ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا الْقِصَاصُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ فَإِذَا وَقَعَتْ مِنْ الْأَبِ عَلَى وَجْهٍ لَا قَوَدَ فِيهِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ تُغَلَّظُ فِيهَا الدِّيَةُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا جِنَايَةٌ فِيهَا الْقَوَدُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَإِذَا دُرِئَ الْقَوَدُ عَلَى الْأَبِ عَنْ الْأَبِ وَجَبَ أَنْ تُغَلِّظَ الدِّيَةُ أَصْلَ ذَلِكَ الْقَتْلِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهَا تُغَلَّظُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِيمَا صَغُرَ مِنْ الْجِرَاحِ وَكَبُرَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ ذَلِكَ فِيمَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا قُلْنَا إنَّهَا تُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ فَهَلْ تُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَالذَّهَبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِيهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا إثْبَاتُ التَّغْلِيظِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْيُهُ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>