للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَحْفِرُ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ يَرْبِطُ الدَّابَّةَ أَوْ يَضَعُ أَشْبَاهَ هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يَصْنَعَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ فِي ذَلِكَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَقْلُهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَهُوَ مِنْ مَالِهِ خَاصَّةً، وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَمَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْنَعَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا غُرْمَ، وَمِنْ ذَلِكَ الْبِئْرُ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ لِلْمَطَرِ، وَالدَّابَّةُ يَنْزِلُ عَنْهَا الرَّجُلُ لِلْحَاجَةِ فَيَقِفُهَا عَلَى الطَّرِيقِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذَا غُرْمٌ) .

ــ

[المنتقى]

بِضَرْبِ الْمُؤَخَّرِ أَوْ زَجْرِهِ بِأَنْ تَنْفِرَ أَوْ تُسْرِعَ فِي الْمَشْيِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِنَايَتِهَا بِكَدْمٍ أَوْ نَفْحٍ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّسْيِيرِ فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبَبِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَبَبِهِمَا اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِمَا فَهُوَ هَدَرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ اللِّجَامُ بِيَدِ الْمُقَدَّمِ فَقَدْ تُكْدَمُ، وَهُوَ الْفَاعِلُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْقَائِدُ يَقُودُ الْقِطَارَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا وَطِئَ عَلَيْهِ بَعِيرٌ مِنْ الْقِطَارِ فِي أَوَّلِهِ كَانَ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ أَوَطْأَهُ بِقَوْدِهِ، وَلَوْ قَادَ دَابَّةً عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ مَتَاعٌ فَوَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ، وَذَلِكَ إنْ كَانَ قَائِدُهَا حَمَلَ الْمَتَاعَ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ حَمَلَهُ فَذَلِكَ عَلَى حَامِلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ قَوْدِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي حَمَلَ الْمَتَاعَ قَصَّرَ فِيهِ بِضَعْفِ حَبْلٍ أَوْ وَجْهٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ مَأْمُونٍ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي فَارِسَيْنِ اصْطَدَمَا فَأَصَابَ فَرَسُ أَحَدِهِمَا صَبِيًّا أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْجِنَايَةَ بِسَبَبِهِمَا، وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَمَاتَا، وَمَاتَ فَرَسَاهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ، وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا، وَالْآخَرُ حُرًّا فَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ، وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يَتَقَاصَّانِ فَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ فَلِسَيِّدِهِ الزِّيَادَةُ فِي مَالِ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْحُرِّ أَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَالزِّيَادَةُ فِي مَالِهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ يَأْخُذُهَا السَّيِّدُ، وَيُقَالُ لَهُ افْتَدِ الْعَبْدَ بِالدِّيَةِ فَإِنْ أَسْلَمَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَتْ لِوُلَاةِ الْحُرِّ، وَإِنْ فَدَاهُ فَدَاهُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ.

(فَرْقٌ) لَوْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتْ إحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِينَتَيْنِ وَالْفَرَسَيْنِ أَنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي إلَّا بِالرِّيحِ، وَلَا عَمَلَ فِي ذَلِكَ لِلسَّفِينَتَيْنِ، وَأَمَّا الْفَرَسَانِ فَجَرْيُهُمَا مِنْ فِعْلِهِمَا، وَالْفَارِسَانِ أَرْسَلَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَحَرَّكَاهُمَا إلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةَ قَادِرُونَ عَلَى صَرْفِهِمَا عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِمْ فَلَا يَفْعَلُوا فَهُمْ ضَامِنُونَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَدَرُوا عَلَى صَرْفِهِمَا عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَهُمْ ضَامِنُونَ، وَيَضْمَنُ عَوَاقِلُهُمْ الدِّيَاتِ، وَيَضْمَنُونَ الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ كُلَّ مَا صَنَعَهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا هَذَا سَبِيلُهُ يَنْقَسِمُ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مِثْلَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا عَلَى الطَّرِيقِ لِغَيْرِ غَرَضٍ مُبَاحٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أُصِيبَ بِهِ أَوْ يَحْفِرُ بِئْرًا فِي دَارِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَضْمَنُ قَالَ أَشْهَبُ لِأَنَّهُ حَفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ أَوْ يَحْفِرُ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ لِيُتْلِفَ بِهِ سَارِقًا فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ يَضْمَنُ السَّارِقُ وَغَيْرُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ حَدَّدَ قَصَبًا أَوْ عِيدَانًا يَجْعَلُهَا فِي بَابِهِ لِيَدْخُلَ فِي رَحْلِ الدَّاخِلِ فِي حَائِطِهِ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ عَلَى حَائِطِهِ شَوْكًا يَسْتَضِرُّ بِهَا مَنْ يَدْخُلُ أَوْ رَشَّ فِنَاءَهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُزْلِقَ مَنْ يَمُرَّ بِهِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهَذَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ فِي الطَّرِيقِ مَرْبِطًا لِدَابَّتِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّعَدٌ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اتَّخَذَ كَلْبًا لِدَارِهِ لِيَعْقِرَ مَنْ دَخَلَهَا أَوْ فِي غَنَمِهِ لِيَعْدُوَ عَلَى مَنْ أَرَادَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>