للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ فَيُدْرِكُهُ رَجُلٌ آخَرُ فِي أَثَرِهِ فَيَجْبِذُ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى فَيَخِرَّانِ فِي الْبِئْرِ فَيَهْلِكَانِ جَمِيعًا أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي جَذَبَهُ الدِّيَةَ) .

ــ

[المنتقى]

فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ لَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ بِئْرٍ حَفَرَهَا لِلْمَطَرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ مِرْحَاضٍ يَحْفِرُهُ إلَى جَانِبِ حَائِطِهِ قَالَ أَشْهَبُ مَا لَمْ تَضُرَّ الْبِئْرُ وَالْمِرْحَاضُ بِالطَّرِيقِ أَوْ يَحْفِرُ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِغَيْرِ ضَرَرِ أَحَدٍ أَوْ فِي دَارِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ يَرُشُّ فِنَاءَهُ تَبَرُّدًا وَتَنَظُّفًا فَيَزْلَقُ بِهِ أَحَدٌ فَيَهْلِكُ أَوْ ارْتَبَطَ كَلْبًا فِي دَارِهِ لِلصَّيْدِ أَوْ فِي غَنَمِهِ لِلسِّبَاعِ فَعَقَرَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَخْرَجَ رُءُوسًا مِنْ دَارِهِ أَوْ عَسْكَرًا أَوْ نَصَبَ حِبَالَاتٍ لِلسِّبَاعِ أَوْ وَقَفَ عَلَى دَابَّةٍ فِي الطَّرِيقِ أَوْ نَزَلَ عَنْهَا لِحَاجَةٍ فَأَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ بَابِ أَمِيرٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ فَهُوَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلْمَاشِيَةِ بِقُرْبِ بِئْرِ مَاشِيَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ كَمَا جَازَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَضُرُّ بِهَا أَمْ لَا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا أُمِرَ بِرَدْمِهَا فَإِنْ أُصِيبَ أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ أُمِرَ بِذَلِكَ ضَمِنَ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْضَ مُبَاحَةٌ فَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْحَفْرِ فِيهَا لِحَاجَتِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ مَا يُوجِبُ مَنْعَ ذَلِكَ مِنْ إضْرَارِ بِئْرٍ مِنْ تَقَدُّمِهِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي إبْقَائِهِ فَيَضْمَنُ مَا أُصِيبَ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْمَنْعِ، وَالْأَمْرُ لَهُ بِرَدِّهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ وَضَعَ سَيْفًا بِطَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ يُرِيدُ قَتْلَ رَجُلٍ فَعَطِبَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِهِ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَاعِلِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ قَتْلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَوَضْعُهُ لِلسَّيْفِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَانَ قَدْ قَصَدَ إلَى قَتْلِهِ بِرَمْيِهِ بِالسَّيْفِ أَوْ ضَرْبِهِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فَإِنْ أَصَابَ بِهِ غَيْرَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَمَى إلَى رَجُلٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَيُصِيبُ غَيْرَهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَطَإِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

(فَرْعٌ) وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ الْمُتَعَدِّي مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي مَالِهِ دُونَ الثُّلُثِ، وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَاتِ الْأَحْرَارِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا مَا ضَمِنَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِي مَالِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ إنَّمَا لَهَا مَدْخَلٌ فِي تَحَمُّلِ دِيَاتِ الْأَحْرَارِ دُونَ قِيَمِ الْأَمْوَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ إنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَابِذِ دِيَةَ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبِ جَبْذِهِ، وَأَمَّا دِيَةُ الْجَابِذِ فَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ عِيسَى أَنَّ دِيَتَهُ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ غَيْرَهُ، وَقَتَلَ نَفْسَهُ، وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِثْلَهُ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي جَبْذِهِ لَهُ، وَوُقُوعُ الْأَعْلَى عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ جَبْذِهِ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَعْلَى فِي ذَلِكَ صُنْعٌ فَلَمَّا كَانَ مَوْتُهُ بِسَبَبِهِ أَبْطَلَ دِيَتَهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ قَاتِلَ نَفْسِهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ قَادَ بَصِيرٌ أَعْمَى فَوَقَعَ الْبَصِيرُ فِي بِئْرٍ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْأَعْمَى فَمَاتَ الْبَصِيرُ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَعْمَى، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَصِيرَ لَمْ يَكُنْ يَجْذِبُ الْأَعْلَى وَيَحْمِلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَعْمَى يَتْبَعُهُ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَلَيْهِ لَا صُنْعَ فِيهِ لِلْبَصِيرِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فِعْلِ الْأَعْمَى خَاصَّةً وَاتِّبَاعِهِ لَهُ فَلَمَّا انْفَرَدَ بِالْجِنَايَةِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

مَسْأَلَةٌ وَلَوْ حَفَرَ رَجُلَانِ فِي بِئْرٍ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِي نِصْفُ دِيَةِ الْهَالِكِ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ سَقَطَ مِنْ حَفْرِهِمَا فَلِذَلِكَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِي نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الثَّانِي هَدَرٌ، وَلَوْ ضَمِنَ لَضَمِنَتْهُ عَاقِلَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلُ نَفْسِهِ، وَقَاتِلُ نَفْسِهِ لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا لَضَمِنَتْ عَاقِلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دِيَةِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَارَكَ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ فَهُدِرَ مِنْ دِيَتِهِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّةٍ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الرَّجُلُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّاقِطِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ وَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ، وَلَوْ انْكَسَرَتْ سِنُّ السَّاقِطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>