للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

إبَاحَتِهِ لِلرِّجَالِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَرَاهِيَتَهُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا كَرِهَهُ لِسُدَى الْحَرِيرِ فِيهِ، وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ تَحْرِيمِهِ، وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَرِيرَ أَقَلُّ أَجْزَائِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ لِلِانْتِفَاعِ، وَمُمَازَجَةُ الْحَرِيرِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الصُّوفِ أَوْ الْقُطْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ، وَالثَّانِي الْعِلْمُ وَنَحْوُهُ أَنْ يُخَاطَ الثَّوْبُ بِالْحَرِيرِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ بِالْعِلْمِ مِنْ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ، وَإِنْ عَظُمَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الرُّخْصَةِ فِيهِ وَالصَّلَاةِ بِهِ وَرُوِيَ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُصْبُعٍ إلَى أَرْبَعٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ كَرِهَ مَالِكٌ لِبَاسَ الْمَلَاحِفِ فِيهَا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مِنْ حَرِيرٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ مِنْ عِلْمِ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ إلَّا الْخَيْطَ الرَّقِيقَ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا رُوِيَ «عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ اللَّتَيْنِ يَلِيَانِ الْإِبْهَامَ» قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَذَلِكَ فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي بِهَا الْإِعْلَامَ وَرَوَى سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ عَنْ عُمَرَ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ» ، وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ قَدْرُ أُصْبُعٍ مِنْ حَرِيرٍ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إبَاحَةَ الْأُصْبُعِ فَمَا دُونَهُ، وَالْمَنْعُ مِمَّا زَادَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رِوَايَةً عَنْهُ فِي إبَاحَةِ الْعِلْمِ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ حَدِيثُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مِنْهُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَإِبَاحَتِهِ عَلَى مَعْنَى نَفْيِ التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَأَيْت رَبِيعَةَ يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ وَظِهَارَتُهَا وَبِطَانَتُهَا خَزٌّ، وَكَانَ إمَامًا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ الْخَزِّ الْمَحْضِ أَوْ سُدَاهُ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ أَنَّ رَبِيعَةَ كَانَ مِمَّنْ يَرَاهُ مُبَاحًا وَإِنَّهُ كَانَ إمَامًا يُقْتَدَى بِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ مَحْضًا مِنْ الْحَرِيرِ فَلَا يَجُوزُ مِنْهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُجْعَلُ مِنْ الْحَرِيرِ جَيْبٌ لَا فِي فَرْوٍ وَلَا ثَوْبٍ قَالَ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يُصَلَّى بِقَلَنْسُوَةٍ حَرِيرٍ قَالَ مَالِكٌ قَوْمٌ يَكْرَهُونَ لِبَاسَ الْخَزِّ وَيَلْبَسُونَ قَلَانِسَ الْخَزِّ تَعَجُّبًا مِنْ اخْتِلَافِ رَأْيِهِمْ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ «رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ أَخْرَجْت إلَى أَسْمَاءَ جُبَّةً طَيَالِسِيَّةً كِسْرَوَانِيَّةً رَأَيْت لَهَا لَبِنَةَ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حَتَّى قُبِضَتْ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى تَسْتَشْفِي بِهَا فَإِنَّ» الْحَدِيثَ إسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَمِثْلُهُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْفِرَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ مِمَّا يُخَالِفُ أَحَادِيثَ الْأَئِمَّةِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ فَإِنَّمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صُنِعَ بِهِ بَعْدَ لُبْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَ وَفَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَرِيرَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فَإِنَّهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» وَرَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» فَالْمَعَانِي تَقْتَضِي مَنْعَ اللُّبْسِ لِلْحَرِيرِ، فَلَا يُلْبَسُ ثَوْبٌ مَخِيطٌ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُلْتَحَفُ بِهِ وَلَا يُفْتَرَشُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَنَقَّبُ بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا بُطِّنَ بِحَرِيرٍ أَوْ حُشِيَ بِهِ مِثْلَ الصُّوفِ أَوْ رُقِّمَ بِهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَرِيرُ فِيهِ كَثِيرًا.

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَمَّا مَا بُسِطَ مِنْ الْحَرِيرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ قَدْ فَعَلَهُ النَّاسُ، وَأَمَّا مَا يُلْبَسُ فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ وَاللِّحَافُ مِنْ اللِّبَاسِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَنْعُ مِمَّا يُبْسَطُ.

وَقَدْ رَوَى حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>