للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةَ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» )

ــ

[المنتقى]

فَوَجَبَ أَنْ يُوتِرَ بِهَا مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا كَالْمَغْرِبِ الَّتِي تُوتِرُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا وَهُوَ الْفَرْضُ.

١ -

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِلْوِتْرِ قِرَاءَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنَّ النَّاسَ لَيَلْتَزِمُونَ فِي الْوِتْرِ قِرَاءَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَمَا هُوَ بِلَازِمٍ وَهَذَا يَنْفِي الْوُجُوبَ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إنِّي لَأَفْعَلُهُ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَرَأَ فِي الْوِتْرِ سَهْوًا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الشَّفْعُ قَبْلَ الْوِتْرِ فَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ مَا عِنْدِي شَيْءٌ يُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّفْعَ مِنْ جِنْسِ سَائِرِ النَّوَافِلِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي لِمَنْ كَانَ وِتْرُهُ بِوَاحِدَةٍ عَقِيبَ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوتِرْ إلَّا عَقِيبَ شَفْعِ الْوِتْرِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الشَّفْعِ بِسَبِّحْ اسْمِ رَبِّك الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِذَا فَرَغَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهَا الَّتِي ذَكَرَ فِعْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرَاغَ كَانَ مِنْهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَإِذَا فَرَغَ يَعْنِي مِنْ جَمِيعِ مَا صَلَّى إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَظْهَرُ إذْ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

وَقَدْ رَوَى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «أَنَّ اضْطِجَاعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رَاحَةً وَانْتِظَارًا لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَانَ يَضْطَجِعُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رَاحَةً وَانْتِظَارَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ هَذِهِ الضَّجْعَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضْطَجِعُ رَاحَةً وَإِبْقَاءً عَلَى نَفْسِهِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ فَعَلَهَا رَاحَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَمَنْ فَعَلَهَا سُنَّةً وَعِبَادَةً فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ اُسْتُحِبَّ الضَّجْعَةُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا صَلَّى فَإِنْ كُنْت مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤْذَنَ بِالصَّلَاةِ» وَأَمَّا اضْطِجَاعُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَلِمَا رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» .

(ش) : قَوْلُهُ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَمَضَانَ يَحْتَمِلُ السُّؤَالُ عَنْ صِفَةِ صَلَاتِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سُؤَالًا عَنْ عِدَّةِ مَا يُصَلِّي مِنْ الرَّكَعَاتِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ جَوَابُ عَائِشَةَ مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَأَجَابَتْهُ بِالْعَدَدِ ثُمَّ أَتْبَعَتْ ذَلِكَ الصِّفَةَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ تَأْتِي كَيْفَ بِمَعْنَى كَمْ وَإِنَّمَا قَصَرَ السُّؤَالَ عَلَى رَمَضَانَ لِمَا رَأَى مِنْ الْحَضِّ عَلَى صَلَاةِ رَمَضَانَ فَظُنَّ لِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخُصُّهُ بِصَلَاةٍ فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ أَنَّ فِعْلَهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ وَفِي ذَلِكَ بَيَانُ أَنَّ حُصُولَنَا عَلَى صَلَاةِ رَمَضَانَ لِمَا عُلِمَ مِنْ ضَعْفِنَا عَنْ إقَامَةِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْعَامِ فَحَضَّنَا عَلَى أَفْضَلِ أَوْقَاتِ الْعَامِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ تُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>