للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى بَنِي أَفْلَحَ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «دَخَلْت عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْته يُصَلِّي فَجَلَسْت أَنْتَظِرُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ فَسَمِعْت تَحْرِيكًا تَحْتَ سَرِيرٍ فِي بَيْتِهِ فَإِذَا حَيَّةٌ فَقُمْت لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إلَيَّ أَبُو سَعِيدٍ أَنْ اجْلِسْ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْت نَعَمْ قَالَ إنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ فَتًى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْخَنْدَقِ فَبَيْنَمَا هُوَ بِهِ إذْ أَتَاهُ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أُحْدِثُ بِأَهْلِي عَهْدًا فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ خُذْ عَلَيْك سِلَاحَك فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْك بَنِي قُرَيْظَةَ فَانْطَلَقَ الْفَتَى إلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَأَهْوَى إلَيْهَا بِالرُّمْحِ لِيَطْعَنَهَا وَأَدْرَكَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَا تَعْجَلْ حَتَّى تَدْخُلَ وَتَنْظُرَ مَا فِي بَيْتِك فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ فَرَكَزَ فِيهَا رُمْحَهُ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فَنَصَبَهُ فِي الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ الْحَيَّةُ فِي رَأْسِ الرُّمْحِ وَخَرَّ الْفَتَى مَيِّتًا فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْفَتَى أَمْ الْحَيَّةُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» ) .

ــ

[المنتقى]

الْمَدِينَةِ لَكِنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَمَلَهُ عَلَى جَمِيعِ الْبُيُوتِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَهُ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ فِي بُيُوتِ الْمَدِينَةِ أَوْجَبَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا تُنْذَرُ الْحَيَّاتُ إلَّا بِالْمَدِينَةِ خَاصَّةً عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهَا عِنْدَهُ لِلْعَهْدِ حَتَّى يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَاللَّفْظُ عَامٌّ فِي الْحَيَّاتِ لِإِضَافَتِهَا إلَى الْبُيُوتِ فَهُوَ عَامٌّ فِي حَيَّاتِ تِلْكَ الْبُيُوتِ عَلَى الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «إلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ» وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهِ خَطَّانِ مِثْلَ الطُّفْيَتَيْنِ وَهُوَ الْخُوصَتَانِ رَوَاهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَمَّا الْأَبْتَرُ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ هُوَ الْأَفْعَى.

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْأَبْتَرُ مِنْ الْحَيَّاتِ صِنْفٌ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إلَيْهِ حَامِلٌ إلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ قَتْلِ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ دُونَ الْإِنْذَارِ إلَّا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ فِي الْبُيُوتِ دُونَ إنْذَارٍ كَمَا يُقْتَلُ حَيَّاتُ الصَّحَارَى دُونَ إنْذَارٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَصَّ ذَلِكَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ مُؤْمِنِي الْجِنِّ لَا يَتَصَوَّرُ فِي صُوَرِهِنَّ لِأَذَاهُنَّ بِنَفْسِ الرُّؤْيَةِ لَهُنَّ وَإِنَّمَا يَتَصَوَّرُ مُؤْمِنُو الْجِنِّ فِي صُورَةِ مَنْ لَا تَضُرُّ رُؤْيَتُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «نَهْيٌ عَنْ قَتْلِ جِنَانِ الْبُيُوتِ» فَإِنَّهَا تَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ حَيَّةٍ قَالَ عِيسَى يُرِيدُ عَمَارَ الْبُيُوتِ، وَقَالَ نِفْطَوَيْهِ الْجِنَانُ الْحَيَّاتُ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ الْجِنَانُ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ قِرَدَةً.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا قَتْلُ النَّمْلِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الدُّودِ وَالنَّمْلِ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لِلْحَلَالِ وَسُئِلَ عَنْ النَّمْلِ يُؤْذِي فِي السَّقْفِ فَقَالَ إنْ قَدَرْتُمْ أَنْ تُمْسِكُوا عَنْهَا فَافْعَلُوا، وَإِنْ أَضَرَّتْ بِكُمْ وَلَمْ تَقْدِرُوا عَلَى تَرْكِهَا فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ مَنْ قَتَلَهَا فِي سَعَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا قَتْلُ الضَّفَادِعِ فَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا قَتْلُ الْوَزَغِ فَكَذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا قَتْلُ الْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ بِالنَّارِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا مِثْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى بَنِي أَفْلَحَ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «دَخَلْت عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَوَجَدْته يُصَلِّي فَجَلَسْت أَنْتَظِرُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ فَسَمِعْت تَحْرِيكًا تَحْتَ سَرِيرٍ فِي بَيْتِهِ فَإِذَا حَيَّةٌ فَقُمْت لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إلَيَّ أَبُو سَعِيدٍ أَنْ اجْلِسْ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْت نَعَمْ قَالَ إنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ فَتًى حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْخَنْدَقِ فَبَيْنَمَا هُوَ بِهِ إذْ أَتَاهُ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أُحْدِثُ بِأَهْلِي عَهْدًا فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ خُذْ عَلَيْك سِلَاحَك فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْك بَنِي قُرَيْظَةَ فَانْطَلَقَ الْفَتَى إلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَأَهْوَى إلَيْهَا بِالرُّمْحِ لِيَطْعَنَهَا وَأَدْرَكَتْهُ غَيْرَةٌ فَقَالَتْ لَا تَعْجَلْ حَتَّى تَدْخُلَ وَتَنْظُرَ مَا فِي بَيْتِك فَدَخَلَ فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ فَرَكَزَ فِيهَا رُمْحَهُ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فَنَصَبَهُ فِي الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ الْحَيَّةُ فِي رَأْسِ الرُّمْحِ وَخَرَّ الْفَتَى مَيِّتًا فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْفَتَى أَمْ الْحَيَّةُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» ) .

(ش) : قَوْلُ الْفَتَى «يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أُحْدِثُ بِأَهْلِي عَهْدًا» يُحْتَمَلُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ امْتِثَالًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] وَأَرَادَ الْفَتَى أَنْ يُحْدِثَ بِأَهْلِهِ عَهْدًا لِيُطَالِعَ أَمْرَهُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>