للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إلَى أَهْلِهِ إلَّا الصَّلَاةُ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وكَثْرَةُ الْخُطَى إلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ» ) .

ــ

[المنتقى]

ش قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ يُرِيدُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ فِي كَثْرَةِ ثَوَابِهِ إذَا نَوَى بِمُقَامِهِ فِي مَوْضِعِهِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ لِمُقَامِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الِانْقِلَابِ إلَى أَهْلِهِ مَعْنًى غَيْرُ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ يَكُونُ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْتَظِرَ وَقْتَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَظِرَ إقَامَتَهَا فِي الْجَمَاعَةِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى فِي غَيْرِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ بِمَوْضِعِهِ يَنْتَظِرُ صَلَاةً أُخْرَى أَتَرَاهُ فِي صَلَاةٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّ مَوْلَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يَقُولُ مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ لِيُعَلِّمَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ كَانَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَجَعَ غَانِمًا) .

(ش) : قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَنْ غَدَا أَوْ رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إلَى الْمَسْجِدِ خَاصَّةً لَا يَقْصِدُ غَيْرَهُ فَيَمُرَّ بِالْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ لِيُعَلِّمَهُ تَبْيِينٌ لِمَعْنَى قَصْدِهِ إلَى الْمَسْجِدِ وَالْخَبَرُ يَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَشْيِ إلَى الصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ جُمْلَةِ الْخَيْرِ فَمَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِيَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ فَهُوَ مِمَّنْ مَشَى إلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ إذَا رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ كَانَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَجَعَ غَانِمًا وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ تَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ عَلَّمَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَصْدَهُ إلَى ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ بِقَصْدِهِ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْأَجْرُ فَصَارَ إذَا رَجَعَ بِمَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي رَجَعَ بِالْغَنِيمَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَبَّهَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِالْغَنِيمَةِ الَّتِي حَصَلَتْ لِلْمُجَاهِدِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مَا رَجَعَ بِهِ مِنْ الْأَجْرِ كَأَجْرِ الْمُجَاهِدِ وَغَنِيمَتِهِ مَا يَعْلَمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ فَإِنْ قَامَ مِنْ مُصَلَّاهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ) .

(ش) : قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ فِي مُصَلَّاهُ لِلذِّكْرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِانْتِظَارِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَقَوْلُهُ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ عَلَى نَحْوِ مَا رَوَى عَنْهُ أَبُو الزِّنَادِ مُسْنَدًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ مِنْ مُصَلَّاهُ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَى نَحْوِ مَا رَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ عَنْهُ مُسْنَدًا أَنَّ مَنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ انْتِظَارَهُ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَجْلِسٍ فِي صَلَاتِهِ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ جُلُوسَهُ فِي مُصَلَّاهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ مِمَّا يَقْتَضِي صَلَاةَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ إنْ جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ يَجْتَمِعُ لَهُ الْأَمْرَانِ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِهَا وَالْعَفْوِ عَنْهَا وَقَدْ يَكُونُ مَحْوُهَا مِنْ كِتَابِ الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ دَلِيلًا عَلَى عَفْوِهِ تَعَالَى عَمَّنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ بِاكْتِسَابِهِ لَهَا وَقَوْلُهُ يَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَنَازِلَ فِي الْجَنَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْفَعَ دَرَجَتَهُ فِي الدُّنْيَا بِالذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ ثُمَّ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَعْمَالَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا لِلْمُكَلَّفِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَضِيلَةِ فَقَالَ إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ اسْتِيعَابُهُ وَالْمَكَارِهُ عَلَى أَنْوَاعِهِنَّ مِنْ شِدَّةِ بَرْدٍ وَأَلَمِ جِسْمٍ وَقِلَّةِ مَاءٍ وَحَاجَةٍ إلَى النَّوْمِ وَعَجَلَةٍ وَتَحَفُّزٍ إلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>