للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُسْأَلُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَقَالَ سَعِيدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَأَنْ يُوَاتِرَ قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ) .

(ص) : (وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ

ــ

[المنتقى]

فِيهِ إلَى حَلْقِهِ وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى حَلْقِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ذَرْعَ الْقَيْءِ وَغَلَبَتَهُ لَهُ يَنْدَفِعُ وَيَخْرُجُ وَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ الْمُعَالَجَةِ وَالْإِكْرَاهِ لِلنَّفْسِ عَلَى الْقَيْءِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا هُوَ إكْرَاهٌ عَلَى إخْرَاجِ مَا لَيْسَ بِخَارِجٍ بَلْ مِنْ شَأْنِهِ الرُّجُوعُ وَلَوْ تَيَقَّنَ الَّذِي ذَرَعَهُ الْقَيْءُ رُجُوعَ شَيْءٍ إلَى حَلْقِهِ بَعْدَ أَنْ صَارَ فِي فَمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَا رَجَعَ مِنْ الْقَيْءِ إلَى الْجَوْفِ مِنْ اللَّهَوَاتِ أَوْ الْحَلْقِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَيْقِنَ وُصُولَهُ إلَى الْفَمِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالْقَلْسُ بِسَبِيلِ الْقَيْءِ فِيمَا وَصَفْنَا وَفِي الْمُزَنِيَّة مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَلَسَ فَوَصَلَ الْقَلْسُ إلَى فِيهِ فَرَدَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَجَعَ مَالِكٌ، وَقَالَ إنْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ شَاءَ طَرَحَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ ازْدَرَدَهُ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ عَلَى لِسَانِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ ازْدَرَدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُفَرِّقَ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ تَعْجِيلُهُ، وَإِذَا عَجَّلَ أَوَّلَ يَوْمٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ تَعْجِيلُ الثَّانِي وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّوَاتُرَ إلَّا أَنَّ هَذَا تَوَاتُرٌ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ.

وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ التَّتَابُعِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُؤْتَى بِالْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ مُتَيَقَّنٍ عَلَى إجْزَائِهِ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَكُونُ التَّتَابُعُ مَقْصُودًا.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقْصِدَ إلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الصَّوْمِ وَهُوَ الْعَمْدُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُفْطِرَ بِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَلَطٍ بِوَقْتٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْصِدَ الْفِطْرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَكِنَّهُ بِتَأْوِيلٍ يَظُنُّ بِهِ أَنَّ الْفِطْرَ لَهُ سَائِغٌ.

فَأَمَّا إذَا أَفْطَرَ مُكْرَهًا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهَلْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لَا يَخْلُو أَنْ يُفْطِرَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ فَإِنْ كَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِجِمَاعٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا مَعْنًى يَقَعُ بِهِ الْفِطْرُ فَلَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالْأَكْلِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إذَا أَفْطَرَ بِنِسْيَانٍ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا فِي فَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِعَدَمِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِعَدَمِهِ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ كَالنِّيَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بِأَكْلٍ فَإِذَا كَانَ بِجِمَاعٍ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْإِكْرَاهِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا إذَا أَفْطَرَ بِتَأْوِيلٍ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَأَوَّلَ بِمَعْنًى مَوْجُودٍ، مِثْلُ أَنْ يَدْخُلَ مُعْتَكِفًا قَبْلَ الْفَجْرِ فَيَظُنَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا صَوْمَ لَهُ، أَوْ تَطَهَّرَ لِلصِّيَامِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ حَتَّى يَتَطَهَّرَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أَوْ يَخْرُجُ الْمُقِيمُ إلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ فَيَعْتَقِدُ جَوَازَ الْفِطْرِ فَهَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَتْكَ حُرْمَةَ الصَّوْمِ وَوَقَعَ التَّأْوِيلُ مِنْهُ بِمَعْنًى مَوْجُودٍ، وَإِنْ تَعَلَّقَ التَّأْوِيلُ بِمَعْنًى لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، وَإِنَّمَا يُتَوَقَّعُ وُجُودُهُ، مِثْلُ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ إنِّي أَحِيضُ الْيَوْمَ فَتُفْطِرَ قَبْلَ وُجُودِ الْحَيْضِ، أَوْ يَقُولُ الْمَحْمُومُ الْيَوْمَ يَوْمُ حُمَّايَ فَيُفْطِرُ قَبْلَ بَدْءِ النَّوْبَةِ فَهَذَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ سَوَاءٌ وُجِدَ الْحَيْضُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يُوجَدْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>