للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

زَكَاتُهَا يَوْمَ تَبْلُغُ النِّصَابَ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَتُهَا فَائِدَةً مُضَافَةً إلَيْهَا لَمْ يُخْرِجْ مِنْهَا زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَى الزِّيَادَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْمُوَازَنَةِ رَأَيْت فِيهَا الزَّكَاةَ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ النَّاقِصَةُ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُ أَنَّهُ مَالِكٌ يَمْلِكُ مِنْ الذَّهَبِ مِقْدَارًا يَجُوزُ لِوَزْنِهِ جَوَازَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَوَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْعِشْرِينِ دِينَارًا.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَازِنَةِ فَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ فِي مِيزَانٍ وَازِنَةٌ وَفِي مِيزَانٍ نَاقِصَةٌ فَإِذَا نَقَصَتْ فِي جَمِيعِ الْمَوَازِينِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ النَّقْصَ الْيَسِيرَ فِي جَمِيعِ الْمَوَازِينِ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَمَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَسَامَحُوا بِهِ فِي السَّاعَاتِ وَغَيْرِهَا وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي إذَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ فِيمَا يُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَوَازِينِ لَيْسَ بِنَقْصٍ وَلَا بُدَّ مِنْ مِيزَانٍ يَقَعُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ بِهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا نَقَصَتْ نُقْصَانًا بَيِّنًا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا مَنْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْمُوَازَنَةِ، وَرَوَى ابْنُ زَيْدٍ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ أَنْ لَا زَكَاةَ فِيمَا نَقَصَتْ يَسِيرًا وَكَثِيرًا الْأَمْثَلُ الْحَبَّةُ وَالْحَبَّتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَفِيهَا الزَّكَاةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ وَحَمَلُوا قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الْمَوْزُونَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ فِي الْمَعْدُودَةِ كَالْفُرَادَى فَإِنَّهَا يَنْقُصُ بَعْضُهَا النَّقْصَ الْيَسِيرَ وَيَجْرِي مَجْرَى الْوَازِنَةِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا مَالِكٌ وَمُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهَا إنْ نَقَصَتْ نُقْصَانًا يَسِيرًا عَنْ الْمُوَازَنَةِ الْجَارِيَةِ عَدَدًا وَجَرَتْ مَجْرَاهَا وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهَا نُقْصَانًا كَثِيرًا لَا تَجْرِي بِهِ مَجْرَى مَا بَلَغَ الْعَدَدَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ مِنْهَا لَمْ تُجِبْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَقَدْ يُتَبَايَعُ بِالنَّاقِصَةِ الْوَزْنِ عَدَدًا وَيُتَبَايَعُ بِالْقَائِمَةِ الْوَزْنِ عَدَدًا وَلَكِنَّهُ لَا يُعْطَى بِعَدَدٍ مِنْ النَّاقِصَةِ مَا يُعْطَى بِعَدَدٍ مِنْ الْوَازِنَةِ مِنْ وَزْنٍ وَلَا عَرْضٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ ذَلِكَ التَّفَاوُتُ كَالْفُرَادَى وَالْقَائِمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْ ذَلِكَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَجْرِي بِالْأَنْدَلُسِ وَالدِّرْهَمُ مِنْهَا ثُلُثَا دِرْهَمٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي دَرَاهِمِ الْأَنْدَلُسِ لَيْسَتْ كَيْلًا وَتَجُوزُ عِنْدَهُمْ جَوَازَ الْوَازِنَةِ الْكَيْلَ لِمَا تَكُونُ فِيهَا الزَّكَاةُ إلَّا أَنْ يُنْقِصَ مِنْ الْكَيْلِ نَقْصًا يَسِيرًا وَنَحْوَهُ رَوَى ابْنُ زَيْدٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَأَخْرُجَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ رِوَايَتُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ فِي نَوَازِلَ سَأَلَ عَنْهَا سَحْنُونٌ مِنْ قَوْلِهِ فَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي دَرَاهِمِ الْأَنْدَلُسِ يَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ يُرِيدُ أَنَّ الِاعْتِدَادَ فِي الْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهَا مَا يُؤْخَذُ بِالدِّرْهَمِ الْوَازِنِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ بِوَزْنِ الْأَنْدَلُسِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا نَقَصَتْ الْعِشْرُونَ دِينَارًا فِي الْعَدَدِ دِينَارًا وَاحِدًا وَنَقَصَتْ الْمِائَتَا الدِّرْهَمِ فِي الْعَدَدِ دِرْهَمًا وَاحِدًا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ فِي الْعَدَدِ وَنَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فِي الْبَلَدِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ فِضَّةٌ وَزْنُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ بِوَزْنِ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهَا، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ فَيُرِيدُ ابْنُ حَبِيبٍ بِقَوْلِهِ تَجُوزُ فِي الْبَلَدِ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ أَنَّ التَّعَامُلَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ يَكُونُ بِعَدَدِ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَأَنَّ مَا بَلَغَ ذَلِكَ الْقَدْرَ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الْوَازِنُ فَجَعَلَ نِصَابَ كُلِّ بَلَدٍ مُعْتَبَرًا بِوَزْنِ الدِّرْهَمِ الْجَارِي عِنْدَهُمْ فَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>