للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا كَمَا تَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا نَاقِصَةً بَيِّنَةَ النُّقْصَانِ زَكَاةٌ فَإِنْ زَادَتْ حَتَّى يَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا عِشْرِينَ دِينَارًا وَازِنَةً فَفِيهَا الزَّكَاةُ قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا الزَّكَاةُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ نَاقِصَةٍ بَيِّنَةِ النُّقْصَانِ الزَّكَاةُ فَإِنْ زَادَتْ حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَافِيَةٍ فَفِيهَا الزَّكَاةُ فَانٍ كَانَتْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ رَأَيْت فِيهَا الزَّكَاةَ دَنَانِيرَ كَانَتْ أَوْ دَرَاهِمَ)

ــ

[المنتقى]

فَإِنَّ تَكَامُلَ نَمَائِهِ عِنْدَ حَصَادِ الْحَبِّ وَخُرُوجِ الْعَيْنِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلَا نَمَاءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ النَّمَاءِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَمَاءٌ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَهُوَ تَصْرِيفُ الزَّكَاةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَوْلُ فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْحَبِّ يَوْمَ الْحَصَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] .

(ش) : قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ مُعَاوِيَةُ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِ الْأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ خَرَجَتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ دَفْعِهَا إلَيْهِمْ فَجَرَتْ عِنْدَهُ مَجْرَى الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ يَجْرِي فِيهَا الْحَوْلُ فِي حَالِ اشْتِرَاكِهَا وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَ مِنْهَا الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِلْكُ مَنْ أُعْطِيَهَا لَهَا إلَّا بَعْدَ الْإِعْطَاءِ وَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى غَيْرِهِمْ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يُرَاعَى الْحَوْلُ فِيهَا مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِمْ لَهَا وَصِحَّةُ مِلْكِهِمْ أَيَّاهَا وَعَلَى هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَنَحْوُ هَذَا ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي أَخْذِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ الزَّكَاةَ مِنْ الْأَعْطِيَةِ وَفِي أَخْذِ مُعَاوِيَةَ زَكَاةَ الْأَعْطِيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ نِصَابَ الذَّهَبِ عِشْرُونَ دِينَارًا مِنْ الدَّنَانِيرِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُوَ كُلُّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ سَبْعَةُ دَنَانِيرَ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا زَكَاةَ فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَيَكُونَ فِيهَا دِينَارٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ بَعْدَ الْحَسَنِ عَلَى خِلَافِهِ، وَهَذَا مِنْ قَوِيِّ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي خِلَافِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا رَوَى عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ وَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «فَإِذَا كَانَتْ لَك مِائَتَا دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَك عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ إسْنَادُهُ هُنَاكَ غَيْرَ أَنَّ اتِّسَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْأَخْذِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمِائَتَيْ الدِّرْهَمِ نِصَابُ الْوَرِقِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالدِّينَارُ كَانَ صَرْفُهُ فِي وَقْتِ فَرْضِ الزَّكَاةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَوِزَانُ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ عِشْرُونَ مِثْقَالًا فَكَانَ ذَلِكَ نِصَابَ الذَّهَبِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْعِشْرِينَ دِينَارًا إذَا نَقَصَتْ نُقْصَانًا بَيِّنًا وَمَعْنَى الْبَيِّنِ هَاهُنَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَجْرِيَ مَجْرَى الْوَازِنَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَتَّفِقَ الْمَوَازِينُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ بِكُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِذَا تَبَيَّنَ النُّقْصَانُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِمَا دَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ النِّصَابَ فِي الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ دُونَ الْعَدَدِ فَإِذَا زَادَتْ حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا عِشْرِينَ دِينَارًا وَازِنَةً فَقَدْ بَلَغَتْ النِّصَابَ وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ قَصُرَتْ عِدَّتُهَا عَنْ الْعِشْرِينَ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ تَجْرِي وَزْنًا وَتَجْرِي عَدَدًا فَأَمَّا الْبِلَادُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا بِالْوَزْنِ فَلَا اعْتِبَارَ فِيهَا بِالْعَدَدِ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ وَهِيَ خَمْسُ أَوَاقٍ فَقَدْ بَلَغَتْ النِّصَابَ وَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فَإِذَا نَقَصَتْ مِنْ ذَلِكَ نُقْصَانًا بَيِّنًا وَتَأْوِيلُ الْبَيِّنِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِتَقْصِيرِهَا عَنْ النِّصَابِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِذَا زَادَتْ حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَالزِّيَادَةُ تَكُونُ فِيهَا بِنَمَائِهَا وَتَكُونُ مِنْ فَائِدَةٍ مُضَافَةٍ إلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَمَائِهَا فَحَوْلُهَا حَوْلُ أَصْلِ الْمَالِ إذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أُخْرِجَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>