للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

التِّجَارَةِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا مَا ابْتَاعَهُ لِلْغَلَّةِ مِنْ الدُّورِ، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ حَوْلٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا يُزَكِّي الثَّمَنَ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ نَافِعٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْغَلَّةَ نَوْعٌ مِنْ النَّمَاءِ فَالْإِرْصَادُ لَهُ يُوجِبُ الزَّكَاةَ كَرِبْحِ التِّجَارَةِ.

وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ مَالٌ لَمْ يُرْصَدْ لِلتِّجَارَةِ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ لِلْقِنْيَةِ.

(فَرْعٌ) فَأَمَّا إذَا ابْتَاعَهُ لِأَمْرَيْنِ وَجْهٌ مِنْ الْقِنْيَةِ وَوَجْهٌ مِنْ التِّجَارَةِ كَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِوَطْءٍ أَوْ خِدْمَةٍ فَإِذَا وَجَدَ بِهَا رِبْحًا بَاعَهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ ثَمَنُهَا فَائِدَةٌ وَرَوَى أَشْهَبُ يُزَكِّي ثَمَنَهَا فَعَلَى هَذَا لِشِرَاءِ السِّلْعَةِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: يَشْتَرِيهَا لِلتِّجَارَةِ الْمَحْضَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلْقِنْيَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلْقِنْيَةِ وَالتِّجَارَةِ فَهَذَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا.

وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ إذَا اشْتَرَاهَا لِلْغَلَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ صَرَفَهُ إلَى الْقِنْيَةِ، ثُمَّ بَاعَهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ حُكْمُهُ الْقِنْيَةُ وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ حُكْمُهُ التِّجَارَةُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ أَصْلَهُ الْقِنْيَةُ فَأَثَّرَ فِي رَدِّهِ إلَى أَصْلِهِ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ النِّيَّةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعُرُوضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ نَوَى بِهَا الْقِنْيَةَ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَثَبَتَ لَهَا هَذَا الْحُكْمُ صَارَ أَصْلًا لَهَا فَرَجَعَتْ إلَيْهِ لِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ مَا يُدِيرُونَ مِنْ التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي قِيمَتِهَا دُونَ عَيْنِهَا وَلَوْ وَجَبَتْ فِي عَيْنِ الْعَرْضِ لَقَالَ رُبُعُ قِيمَةِ الْمَالِ فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ إلَى الْعَيْنِ عُلِمَ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَرْضِ، وَالزَّكَاةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: زَكَاةُ عَيْنٍ وَهِيَ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَزَكَاةُ قِيمَةٍ وَهِيَ زَكَاةُ الْعُرُوضِ الْمُدَارَةِ فِي التِّجَارَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الزَّكَاةُ تَجِبُ فِي عَيْنِ الْعَرْضِ وَلَكِنْ يُخْرَجُ قِيمَةُ ذَلِكَ الْعَرْضِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ مَالٍ اُعْتُبِرَ النِّصَابُ فِيهِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ كَالْمَاشِيَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَمْوَالَ الْمُدَارَةَ لِلتِّجَارَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: ضَرْبٌ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَضَرْبٌ تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِعَيْنِهِ فَأَمَّا مَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَهِيَ الْعُرُوض الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَتَجِبُ فِيهَا بِالتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ وَذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فَأَمَّا مَا وُرِّثَ مِنْهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ اُشْتُرِيَتْ لِلْقِنْيَةِ وَنُوِيَ بِهَا التِّجَارَةُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ كَالْمَاشِيَةِ فَإِنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاتَيْنِ إذَا اجْتَمَعَتَا كَانَتَا أَوْلَاهُمَا زَكَاةَ الْعَيْنِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْعَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَزَكَاةَ الْقِنْيَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَكَانَتْ زَكَاةُ الْعَيْنِ أَوْلَى.

(فَرْعٌ) وَهَذَا إذَا بَلَغَتْ الْمَاشِيَةُ نِصَابًا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ نِصَابَ الْمَاشِيَةِ وَبَلَغَتْ نِصَابَ الْقِنْيَةِ ثَبَتَتْ زَكَاةُ الْقِنْيَةِ لِعَدَمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَبَيَانُ أَنَّ النِّصَابَ هُوَ الْعِشْرُونَ دِينَارًا وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ النَّقْصَ عَنْ النِّصَابِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ وَذَكَرَ الثُّلُثَ الدِّينَارِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَقَصَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ دِينَارٍ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَلَا ذَكَرَهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ قَوْمٌ، وَقَالُوا إنَّ مَذْهَبَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهَا إذَا نَقَصَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ دِينَارٍ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا وَمَا قَالُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُظَنَّ هَذَا بِهِ وَلَوْ أَرَادَ هَذَا لَقَالَ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا غَيْرَ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ غَيْرَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ دِينَارٍ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>