للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ جَمَعَا فِي الصَّدَقَةِ وَوَجَبَتْ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ فَهُمَا خَلِيطَانِ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ أَمْوَالِهِمَا عَلَى الْأَلْفِ بِحِصَّتِهَا وَعَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِصَّتِهَا) .

ــ

[المنتقى]

لَا نِصَابَ لَهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُدْخِلَ بِمَاشِيَتِهِ مَضَرَّةً عَلَى صَاحِبِ النِّصَابِ أَوْ لَا يُدْخِلَ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهُ يَرْجِعُ بِالشَّاةِ عَلَى الَّذِي لَهُ النِّصَابُ وَالشَّاةُ عَلَيْهِ دُونَ الَّذِي لَا نِصَابَ لَهُ سَوَاءٌ أُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إنَّ السَّاعِيَ إذَا أَعْلَمَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الشَّاةَ مِنْهُمَا أَنْ يَتَحَاصَّا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ بِقَوْلِ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَدُّ حُكْمُهُ وَلَا يُنْقَضُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَا نِصَابَ لَهُ أَدْخَلَ عَلَى صَاحِبِ النِّصَابِ مَضَرَّةً مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ مِائَةُ شَاةٍ وَيَكُونَ لِآخَرَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ شَاةً فَأَخَذَ الْمُصَّدِّقُ مِنْهَا ثَمَانِينَ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَاخْتَارَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنْ يَتَرَاجَعَا فِي الثَّمَانِينَ عَلَى قَدْرِ مَاشِيَتِهِمَا.

وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَكُونُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ عَلَى رَبِّ الْمِائَةِ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الشَّاةِ الثَّانِيَةِ بِجَمِيعِ مَوَاشِيهِمَا.

وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ حَكَمَ بِهِ هَذَا السَّاعِي وَجَعَلَ الشَّاتَيْنِ فِي الْمَالَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يُنَفَّذَ الْحُكْمُ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ.

وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ وَجَبَتْ عَلَى رَبِّ النِّصَابِ وَالشَّاةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تَجِبْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ أَخَذَهَا آخِذٌ بِتَأْوِيلٍ فَيَجِبُ أَنْ يَتَرَاجَعَا فِيهِمَا.

(ش) : وَهَذَا قَالَ إنَّهُ إنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ لَزِمَهُ الصَّدَقَةُ عَلَى سَنَةِ الْخُلْطَةِ فَحُسِبَتْ مَاشِيَتُهُمَا كَأَنَّهَا مَاشِيَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَخَذَ مِنْهَا مَا كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْثِيرُ الْخُلْطَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِرَجُلٍ أَلْفُ شَاةٍ وَلِآخَرَ أَرْبَعُونَ شَاةً أَخَذَ مِنْهَا عَشْرَ شِيَاهٍ، ثُمَّ يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا تِسْعُمِائَةِ شَاةٍ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ أَخَذَ مِنْهَا تِسْعَ شِيَاهٍ كَمَا كَانَ يُؤْخَذُ لَوْ كَانَا لِرَجُلٍ ثُمَّ يَتَرَاجَعَانِ عَلَى السَّوِيَّةِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا ضَأْنًا وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ مَعْزًا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِمَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَأَخَذَ الْمُصَّدِّقُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا الشَّاةَ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَالِكٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمِعْزَى رَجَعَ صَاحِبُ الْمِعْزَى عَلَى صَاحِبِ الضَّأْنِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِعْزَى وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا يَأْخُذُ السَّاعِي مِنْ مَاشِيَةِ أَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ فَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ فَالْوَاجِبُ بِهِ الْقِيمَةُ خَاصَّةً دُونَ الْعَيْنِ، وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ أَنَّهُ بِمَعْنَى السَّلَفِ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى اخْتِيَارِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا مَاعِزَةٌ وَكَانَتْ فِي غَنَمِ أَحَدِهِمَا أَخَذَهَا مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَمِ مِنْ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ فَإِنَّ الْوَاجِبَ بِهِ الْقِيمَةُ دُونَ الْعَيْنِ كَالِاسْتِهْلَاكِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِمَّنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مِنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ فَصَارَ ذَلِكَ سَلَفًا عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ إخْرَاجَ شَاةٍ عَمَّا وَجَبَ عَلَى خَلِيطِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ الْعَيْنُ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَجِبُ فِي الزَّكَاةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ جَوَّزَ إخْرَاجَ الْغَنَمِ فِي الزَّكَاةِ إنَّمَا يُوجِبُ الْعَيْنَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُمَا يَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَيَا، وَإِذَا أُخِذَ مِنْ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ وَمِنْ الْآخَرِ قِيمَةٌ لَمْ يَتَسَاوَيَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَا إنَّمَا أَخْرَجَا عَنْ الْمَاشِيَتَيْنِ شَاةً وَاحِدَةً يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ الشَّاةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ أَيْضًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ الشَّاةِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ لِمَرَدِّ مَذْهَبِهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِنِصْفِ شَاةٍ لَكِنَّهُ لَوْ أَحْضَرَ الشَّاةَ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِالْبَيْعِ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>