للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْخَلِيطَانِ فِي الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ يَجْتَمِعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعًا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي ذَلِكَ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ فَإِذَا أَظَلَّهُمْ الْمُصَّدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلَّا تَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَّدِّقُ فَرَّقَا غَنَمَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا الَّذِي سَمِعْت فِي ذَلِكَ)

ــ

[المنتقى]

وَهُوَ الْقِيمَةُ فَلَمَّا كَانَ مَرْجِعُهُ إلَى الْقِيمَةِ لَمْ يُكَلَّفْ الْمُسْتَسْلِفُ غَيْرَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيَّ أَنْ أُحْضِرَ غَيْرَ حِصَّتِك مِنْ الشَّاةِ وَأَمَّا حِصَّتِي فَلَا يَلْزَمُنِي إحْضَارُهَا فَلِذَلِكَ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَدَّى عَنْهُ شَاةً فَقَالَ أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ شَاةٍ إلَيْهِ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الشَّاةِ.

(فَرْعٌ) وَمَتَى تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي نِصْفِ الشَّاةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ أَخَذَهَا الْمُصَّدِّقُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِأَثَرِ قَوْلِ أَشْهَبَ وَلَا تَكُونُ الْقِيمَةُ عَلَى هَذَا إلَّا قِيمَةُ نِصْفِ الشَّاةِ يَوْمَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْخُلْطَةَ حُكْمُهَا فِي الْإِبِلِ كَحُكْمِهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الْغَنَمِ مِنْ النِّصَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ وَمِنْهَا الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ كَالضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ مِنْ ذَلِكَ نِصَابٌ لَمْ تُعْتَبَرْ مُخَالَطَتُهُ فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْخُلْطَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْغَنَمِ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَذْهَبَ إلَى ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ فِي النِّصَابِ الْكَامِلِ وَيَنْفِيَهَا فِيهَا دُونَ النِّصَابِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِبِلِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِهَا بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَثَبَتَ الْحُكْمَانِ بِالدَّلِيلَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ نَفْيَ الزَّكَاةِ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ عَلَى حَسَبِ نَفْيِهَا فِي الْإِبِلِ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ بَابِ دَلِيلِ الْخِطَابِ وَفِي الشَّرْطِ الثَّانِي إنَّمَا قَالَ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ إلَّا لِمَنْ يَرَى التَّعَلُّقَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِي الشَّرْطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْوَارِدِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَمَّا كَانَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي الزَّكَاةِ تَارَةً بِتَخْفِيفٍ وَتَارَةً بِتَثْقِيلٍ عَلَى وَجْهِ الْعَدْلِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ وَمُسْتَحَقِّي الزَّكَاةِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا لَازِمًا لِلْخُلْطَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ التَّخْفِيفُ دُونَ التَّثْقِيلِ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِمُسْتَحِقِّي الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ التَّثْقِيلُ دُونَ التَّخْفِيفِ فَكَمَا لَيْسَ لِلسَّاعِي إذَا كَانَتْ التَّفْرِقَةُ أَفْضَلَ لِلزَّكَاةِ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَاشِيَةَ الْمُجْتَمِعَةَ، وَإِذَا كَانَ الْجَمْعُ أَفْضَلَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ الْمَاشِيَةَ الْمُتَفَرِّقَةَ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَفْعَلُوا مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ الْأَرْجَحُ لَهُمْ وَالْأَخَفُّ عَلَيْهِمْ وَلْيَتْرُكُوا الْمَاشِيَةَ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَوَانِ الصَّدَقَةِ يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الزَّكَاةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ تَخْفِيفٍ أَوْ تَثْقِيلٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ تَعَدَّى أَرْبَابُ الْمَاشِيَةِ فَجَمَعُوا الْمُتَفَرِّقَةَ أَوْ فَرَّقُوا الْمَاشِيَةَ الْمُجْتَمِعَةَ لَمْ يُنَفَّذْ لَهُمْ ذَلِكَ وَأُخِذَتْ الزَّكَاةُ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>