للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

الْحَجِّ حِينَئِذٍ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَهُوَ الَّذِي يَتَقَدَّرُ بِهِمَا وَأَمَّا الْإِحْرَامُ فَلَا يَتَقَدَّرُ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان، وَإِنَّمَا يُرَادُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَلَهُ الْإِرْدَافُ مَا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ الطَّوَافُ فَإِذَا تَلَبَّسَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِرْدَافُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شَرَعَ فِيهِ لِلْعُمْرَةِ خَالِصًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ لِلْحَجِّ مَبْنِيًّا عَلَى طَوَافٍ لِغَيْرِهِ مِنْ النُّسُكِ فَفَاتَ بِذَلِكَ إرْدَافُ الْحَجِّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إنَّمَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي طَرِيقِهِ إلَى مَكَّةَ بِقُرْبِ إحْرَامِهِ بِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إنْ صُدِدْتُ عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْتُ كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ خَائِفٌ أَنْ يُصَدَّ عَنْ الْبَيْتِ لِأَجْلِ الْفِتْنَةِ الَّتِي بَلَغَتْهُ وَقَالَ ذَلِكَ بِمَعْنَى إنْ صُدَّ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ إذْ صَدَّهُمْ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْبَيْتِ فَحَلَقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَّ حَيْثُ حُبِسَ فَلِذَلِكَ أَقْدَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مَعَ تَخَوُّفِهِ أَنْ يُصَدَّ عَنْ الْبَيْتِ، ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَى أَنَّ حُكْمَ الْعُمْرَةِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْحَجِّ فَالْتَفَتَ إلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا عِنْدِي إلَّا وَاحِدٌ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْقِيَاسِ وَإِلْحَاقِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ مِنْ وَجْهِ النَّظَرِ دُونَ نَصٍّ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَأَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنَّمَا مَعْنَى إشْهَادِهِ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَيَقْتَدِي بِهِ مَنْ فَرْضُهُ التَّقْلِيدُ أَوْ يُنَبِّهَ عَلَى النَّظَرِ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ أَهَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ يُرِيدُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْنَدًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ» إعْلَامٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَوَازِ إرْدَافِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْحَالِ الَّتِي كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَفِيهِ أَمْرٌ بِالْقِرَانِ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى الْقِرَانَ أَفْضَلَ مِنْ التَّمَتُّعِ أَوْ إبَاحَةٌ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا خَصَّ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ لِمَا يَلْزَمُ الْقَارِنَ مِنْ الْهَدْيِ وَإِنْ كَانَ لِلْهَدْيِ بَدَلٌ مِنْ الصَّوْمِ إلَّا أَنَّهُ يَشُقُّ فِي السَّفَرِ وَكَثْرَةِ الشُّغْلِ وَهَذَا لِمَنْ كَانَ مَعَهُ حَيَوَانٌ يَصْلُحُ لِلْهَدْيِ لَمْ يُوجِبْهُ بَعْدُ وَلَمْ يُقَلِّدْهُ أَوْ ثَمَنُ هَدْيٍ فَيُقَالُ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ وَيَسُوقَ الْهَدْيَ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ قَدْ سَاقَهُ وَقَلَّدَهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَسُوقَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ فَإِنْ كَانَ سَاقَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهُ عَنْ قِرَانِهِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ أَمْ لَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ إنْ فَعَلَ وَكَانَ الْأَقْيَسُ أَنْ لَا يُجْزِئَ إلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ هَذَا مُجْزِئٌ عَنْ دَمِ الْقِرَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي إجْزَائِهِ عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُجْزِئُهُ لِمُتْعَتِهِ وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَهِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا عِنْدِي أَقْيَسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَدْ رَأَيْت مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ الَّذِي مَعَهُ بِأَنْ كَانَ لِشَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهُ لِقِرَانِهِ، أَوْ مُتْعَتِهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا نَهْيٌ عَنْ أَنْ يَحِلَّ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ بَعْدَ أَنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا يَوْمَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ يُنَافِي الْإِحْرَامَ فَلَوْ اسْتَحَالَ إحْلَالُهُ بِالْعُمْرَةِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ لِلْحَجِّ كَانَ جَمِيعُ الْإِحْرَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>