للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: الْمُحْرِمُ لَا يُحِلُّهُ إلَّا الْبَيْتُ مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَ قَدِيمًا أَنَّهُ قَالَ خَرَجْت إلَى مَكَّةَ حَتَّى إذَا كُنْت بِبَعْضِ الطَّرِيقِ كُسِرَتْ فَخِذِي فَأَرْسَلْت إلَى مَكَّةَ وَبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالنَّاسُ فَلَمْ يُرَخِّصْ لِي أَحَدٌ أَنْ أُحِلَّ فَأَقَمْت عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَحْلَلْت بِعُمْرَةٍ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ بِمَرَضٍ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مَعْبَدَ بْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَسَأَلَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَوَجَدَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذَكَرَ لَهُمْ الَّذِي عَرَضَ لَهُ فَكُلُّهُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَيَفْتَدِيَ فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَيُهْدِي مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ)

ــ

[المنتقى]

ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ «أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ فَكَيْفَ أَقُولُ؟ فَقَالَ قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَمَحِلِّي مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي فَإِنَّ لَكِ عَلَى رَبِّكِ مَا اسْتَثْنَيْتِ» فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِقَوْلِهَا وَمَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي الْمَوْتَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ عَلَيْهِ إتْمَامُ نُسُكِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ حَيْثُ تَحْبِسُنِي بِعَدُوٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ بِقَوْلِهَا مَحِلِّي أَيْ مَكَانَ مَقَامِي حَيْثُ تَحْبِسُنِي عَنْ التَّوَجُّهِ إلَى الْبَيْتِ بِمَرَضٍ فَإِذَا زَالَ الْمَرَضُ تَوَجَّهْت إلَيْهِ وَأَكْمَلْت نُسُكِي وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهَا وَمَحِلِّي مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي فَهَذَا ظَاهِرُهُ الْمَكَانُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ الدُّعَاءَ بِالْعَوْنِ وَالِاعْتِرَافَ بِالْعَجْزِ مَعَ بَذْلِ الْجُهْدِ فِي بُلُوغِ الْغَرَضِ مِنْ إتْمَامِ الْعِبَادَةِ لِمَا يُخَافُ مِنْ عَوَائِقِ الْمَرَضِ تُرِيدُ إنِّي يَا رَبِّ خَارِجَةٌ رَجَاءَ عَوْنِك عَلَى الْبُلُوغِ إلَى قَضَاءِ نُسُكِي فَإِنْ حَبَسْتنِي دُونَ ذَلِكَ فَإِنِّي إنَّمَا أُمْسِكُ عَنْ التَّمَادِي حَيْثُ حَبَسْتَنِي وَسَلَبْتَنِي الْقُوَّةَ عَلَى السَّعْيِ إلَى قَضَاءِ نُسُكِي وَهَذَا غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ صِفَةِ الْبَانِي عَلَى إحْرَامِهِ إذَا أُحْصِرَ بِمَرَضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يُرِيدُ اسْتِدَامَةَ إحْرَامِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْبَيْتِ فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَفُتْهُ فِيهِ الْحَجُّ كَانَ طَوَافُهُ بِالْبَيْتِ وَسَعْيُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بِحَجَّةٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَكَانَ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ يَطُوفُ بِهَا وَيَسْعَى، ثُمَّ يَتَحَلَّلُ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا فَاتَهُ مِنْ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ وَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ فَمَتَى وَصَلَ إلَى الْبَيْتِ طَافَ لَهَا وَسَعَى وَتَحَلَّلَ مِنْهَا.

(فَرْعٌ) وَلَوْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ بَعْدَ مَا طَافَ لِحَجِّهِ وَسَعَى فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِلْعُمْرَةِ الَّتِي يُحِلُّ بِهَا.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ إلَّا بِنُسُكٍ كَامِلٍ، وَأَقَلُّ النُّسُكَيْنِ الْعُمْرَةُ، وَلَمَّا كَانَتْ لَا تَتَعَلَّقُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَدْخُلْهَا الْفَوَاتُ كَانَ تَحَلُّلُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِهَا لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْإِحْرَامِ لَازِمًا لَا يَصِحُّ الْخُرُوجُ عَنْهُ إلَّا بِتَمَامِ نُسُكٍ، وَكَانَ الْحَجُّ يَتَعَلَّقُ بِوَقْتٍ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ الْخُرُوجُ مِنْ الْإِحْرَامِ إلَّا بِعُمْرَةٍ وَلَمَّا كَانَ طَوَافُ هَذَا الْمُحْصَرِ وَسَعْيُهُ لِحَجِّهِ الَّذِي فَاتَهُ لَزِمَهُ اسْتِقْبَالُ طَوَافٍ وَسَعْيٍ لِلْعُمْرَةِ الَّتِي تَحَلَّلَ بِهَا وَلَمْ يَنُبْ طَوَافُ الْحَجِّ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ مَعْبَدَ بْنَ حُزَابَةَ صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إحْرَامَهُ كَانَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِينَ لَهُ، ثُمَّ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ يَقْتَضِي أَنَّ إحْرَامَهُ كَانَ بِالْحَجِّ وَأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي سُؤَالِهِ وَعَرَفُوا ذَلِكَ مِنْ حَالِهِ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَجٍّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفُوا صِفَةَ إحْرَامِهِ لَمَا أَفْتَوْهُ حَتَّى سَأَلُوهُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>