للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي الْحَجِّ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ عَرَفَةَ وَيَرْمِي الْجَمْرَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ، قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ إصَابَتُهُ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيَهْدِيَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ) .

ــ

[المنتقى]

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَى عَامٍ قَابِلٍ حَكَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ لَهُ وَلِذَلِكَ بَيَّنَ أَنَّ افْتِرَاقَهُمَا إنَّمَا يَكُونُ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ بِالْحَجِّ وَلَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّا مِنْ الْحَجَّةِ الَّتِي أَفْسَدَا لِأَنَّ وَطْأَهُمَا فِي هَذَا الْعَامِ لَا يُفْسِدُ عَلَيْهِمَا حَجًّا وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِمَا هَدْيًا وَلَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْإِحْلَالِ مِنْهُ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِحَجِّ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَكُونَانِ حَلَالَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ فَإِذَا فَرَغَا رَجَعَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْإِبَاحَةَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا إلَى مَنَازِلِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْوُجُوبَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَا إلَى مَوْضِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِيهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَدْرَكَهُمَا عَامٌ قَابِلٌ فَعَلَيْهِمَا الْحَجُّ وَالْهَدْيُ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمَا يَسْتَأْنِفَانِ الْإِحْرَامَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الْبَقَاءُ عَلَى الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَيُتِمَّ حَجَّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي أَفْسَدَ حَجَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ قَضَاءً عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إحْرَامٌ فَاسِدٌ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَفَاتَهُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقِيمَ إلَى قَابِلٍ عَلَى إحْرَامٍ فَاسِدٍ وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ قَابِلًا وَهَذَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْإِحْرَامَ الْفَاسِدَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُمَا عَامٌ قَابِلٌ فَعَلَيْهِمَا الْهَدْيُ يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ.

(فَرْعٌ)

فَإِنْ عَجَّلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ عَجَّلَ هَدْيَ الْفَسَادِ قَبْلَ الْقَضَاءِ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَإِنْ كَانَ أَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَكُونَ مَعَ حَجِّهِ الْقَضَاءُ وَيُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ فِي هَدْيِ الْفَوَاتِ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ يُهِلَّانِ مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا بِحَجِّهِمَا الَّذِي أَفْسَدَا وَيَتَفَرَّقَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَتَسَايَرَانِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي مَنْزِلٍ وَلَا بِجُحْفَةٍ وَلَا بِمَكَّةَ وَلَا بِمِنًى وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّوَقِّي الْوَاجِبِ الْقَضَاءِ لِمَا عُلِمَ مِنْ تَيَسُّرِ عَمَلِهِمَا إلَى مَا أَفْسَدَا بِهِ حَجَّهُمَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ مَالِكٍ وَيُهْدِيَانِ جَمِيعًا بَدَنَةً وَذَلِكَ أَنَّ هَدْيَ فَسَادِ الْحَجِّ بِالْوَطْءِ بَدَنَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَمَّا أَفْسَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَجَّ وَلَزِمَهُ بِذَلِكَ الْقَضَاءُ لَزِمَهُ الْهَدْيُ الَّذِي هُوَ الْبَدَنَةُ.

(ص) : (قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي الْحَجِّ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ عَرَفَةَ وَيَرْمِي الْجَمْرَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ، قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ إصَابَتُهُ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِرَ وَيَهْدِيَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمُصِيبَ لِأَهْلِهِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِ حَجِّهِمَا وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ عَلَى مَا قَالَ: قَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ عَرَفَةَ وَيَرْمِيَ الْجَمْرَةَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ نَصَّ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَنَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ.

وَقَدْ رَوَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا: وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَبِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَبِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسِدَهُ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: وَلَا يَلْزَمُنَا عَلَى هَذَا إذَا وَطِئَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ عِنْدَنَا يَقَعُ بِالرَّمْيِ فِي وَقْتِهِ أَوْ بِانْقِضَاءِ وَقْتِهِ وَفَوَاتِهِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>