للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا تُجْزِئُهُمَا وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ بِالتَّقْلِيدِ فَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَبْحِهِ إلَى نِيَّةٍ تَخْتَصُّ بِمَنْ قَلَّدَهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ضَلَّ الْهَدْيُ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ عَمَّنْ قَلَّدَهُ لَأَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ صَاحِبٌ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْأُضْحِيَّةِ لَمْ تُجْزِ صَاحِبَهَا وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْهَدْيَ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ بِالتَّقْلِيدِ فَإِنَّ الْفَسَادَ وَعَدَمَ الْإِجْزَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَمْ يُجْزِهِ فَكَذَلِكَ إذَا ذَبَحَ ذَبْحًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَهُوَ أَنْ يَذْبَحَ عَنْ غَيْرِ مَنْ قَلَّدَهُ.

١ -

(فَرْعٌ) وَهَلْ يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ الذَّابِحُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا رَضِيَهَا أَوْ لَمْ يَرْضَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا لَمْ يَضْمَنْ الذَّابِحُ قِيمَتَهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ الذَّابِحَ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا وَإِنْ ضَمَّنَهُ إيَّاهَا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا تُجْزِئُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَقَالَ أَشْهَبُ: تُجْزِئُ الذَّابِحَ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الذَّبْحِ وَكَذَلِكَ أَمَةٌ أَوْلَدَهَا رَجُلٌ ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَأَخَذَ قِيمَتَهَا فَإِنَّهَا بِذَلِكَ أُمُّ وَلَدٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ عُرِفَ ذَلِكَ بَعْدَ فَوَاتِ اللَّحْمِ أَجْزَأَتْ عَنْ ذَابِحِهَا غَلَطًا وَأَدَّى الْقِيمَةَ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ اللَّحْمُ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فَإِنْ أَخَذَ اللَّحْمَ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَخَذَ قِيمَةَ الشَّاةِ لَمْ تُجْزِ عَنْ ذَابِحِهَا وَلَا لَهُ بَيْعُ لَحْمِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ بَعْدَ فَوَاتِ اللَّحْمِ فَقَدْ عَيَّنَ مِلْكَهُ لِلشَّاةِ وَلَا خِيَارَ لِصَاحِبِهَا فِيهَا فَلِذَلِكَ أَجْزَأَتْهُ وَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ اللَّحْمِ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا وَهَذَا يُنَافِي مِلْكَ الذَّابِحِ لَهَا وَيَمْنَعُ إجْزَاءَهَا عَنْهُ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَإِنَّمَا أَمَرَ ابْنُ عُمَرَ نَافِعًا بِذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِأَنْ يَذْبَحَهَا فِي مُصَلَّى النَّاسِ لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْقُرَبِ الْعَامَّةِ الْمَسْنُونَةِ فَالْأَفْضَلُ إظْهَارُهَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إحْيَاءَ سُنَّتِهَا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِهِ: يُسْتَحَبُّ الْإِعْلَانُ بِالْأُضْحِيَّةِ لِكَيْ تَعْرِفَ وَيَعْرِفَ الْجَاهِلُ سُنَّتَهَا وَمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا ابْتَاعَ أُضْحِيَّتَهُ يَأْمُرُ غُلَامَهُ بِحَمْلِهَا فِي السُّوقِ وَيَقُولُ: هَذِهِ أُضْحِيَّةُ ابْنِ عُمَرَ إرَادَةَ أَنْ يُعْلِنَ بِهَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ نَافِعٍ فَفَعَلْتُهَا يَعْنِي اشْتَرَى لَهُ الْكَبْشَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَمَرَهُ بِهَا ثُمَّ ذَبَحَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى وَلَيْسَ شِرَاءُ الْأُضْحِيَّةِ لِيُضَحِّيَ بِهَا مُوجِبًا لِكَوْنِهَا أُضْحِيَّةً وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ بِابْتِدَاءِ الذَّبْحِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: وَقَبْلَ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ النِّيَّةُ وَالْفِعْلُ.

وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا: تَتَعَيَّنُ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ بِاللِّسَانِ وَتَجِبُ بِذَلِكَ كَمَا تَجِبُ بِالذَّبْحِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ فِي الْهَدْيِ.

١ -

(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُمِلَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ يُرِيد أَنَّ الْكَبْشَ حُمِلَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَلَعَلَّهُ كَانَ امْتَنَعَ مِنْ حَلْقِ رَأْسِهِ وَشَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشَرَةِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ.

وَقَدْ رَوَى الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ إذَا رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ لَا يَقُصَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ حَتَّى يُضَحِّيَ قَالَا: وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ اسْتِحْبَابٌ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْبَلْخِيّ ثِقَةٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَضَارِيُّ لَيْسَ بِثِقَةٍ حِمْصِيٌّ أَخْبَرَنَا الْبَصْرِيُّ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عُمَرُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ أُكَيْمَةَ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقِيلَ عَمْرٌو وَقِيلَ عُمَرُ وَهُوَ مَدَنِيٌّ فَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ إنَّ هَذَا نَهْيٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>