للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

وَالنَّهْيُ إذَا لَمْ يَقْتَضِ التَّحْرِيمَ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَدَلِيلُنَا عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ «أَنَا فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدَيَّ ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ أَبِي فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ» وَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى فِي ذَلِكَ الْعَامِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ يَقْتَضِي أَنَّ مَرَضَهُ مَنَعَهُ صَلَاةَ الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ وَالْبُرُوزَ لَهَا وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِمَّا شُرِعَ مِنْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ وَإِظْهَارِهَا.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ مِنْ إنْفَاذِ الضَّحِيَّةِ فِي مَالِهِ وَهِيَ قُرْبَةٌ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ لَمَّا كَانَ مَالُهُ يَتَّسِعُ لِذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا حُكْمُ مَالِهِ تُورَثُ عَنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَلِغُرَمَائِهِ أَخْذُهَا إنْ لَحِقَهُ دَيْنٌ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَالِهِ تُورَثُ عَنْهُ وَتُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْتَحَبُّ لِوَرَثَتِهِ ذَبْحُهَا وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يُضَحَّى بِهَا عَنْهُ وَهِيَ مِيرَاثٌ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مَالٌ أَخْرَجَهُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ فَاسْتُحِبَّ لِوَرَثَتِهِ إنْفَاذُ ذَلِكَ كَمَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إخْرَاجُهَا بِعَيْنِهَا وَكُرِهَ لَهُ بَدَلُهَا وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِإِخْرَاجِهَا عَنْهُ وَإِنَّمَا أَعَدَّهَا لِيُوجِبَهَا فِي وَقْتٍ وَهُوَ لَمْ يَأْنِ فَهِيَ كَسَائِرِ مَالِهِ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ مَاتَ عَنْ هَدْيِهِ بَعْدَ أَنْ قَلَّدَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهُ كَمَا لَهُمْ بَيْعُ مَا أَعْتَقَ وَرَدُّ عِتْقِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَهَذَا عِنْدِي حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِالْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ: هِيَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَرَوَاهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا فَاتَتْ بِالذَّبْحِ وَصَارَتْ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلَكِ كَمَا لَوْ أَكَلَهَا.

(فَرْعٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَبْحِهَا وَتَقْلِيدِ الْهَدْيِ أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يُضْمَنُ لَهُ الْهَدْيُ وَالذَّبْحُ تُضْمَنُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ فَكَانَ ذَلِكَ فَوْتًا فِيهَا.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْأُضْحِيَّةَ تُورَثُ عَنْهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّ لِوَرَثَتِهِ أَكْلَهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ: يُنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ لَحْمِهَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا نَعْلَمُهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا انْتَقَلَ إلَيْهِمْ مِلْكًا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لِلْمُضَحِّي وَإِمَّا قِسْمَتُهَا فَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ وَمُنِعَ مِنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ أَوْ بَيْعٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى وَجْهٍ كَانَتْ بَيْعًا فَلَمْ تُجْزِ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهٍ كَانَتْ تَمَيُّزَ حَقٍّ فَجَازَ ذَلِكَ فِيهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا حُكْمُ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْمِيرَاثِ فَأَمَّا مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ عَنْ أَصْبَغَ لِلْمُعْطَى بَيْعُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ نِهَايَةَ الْقُرْبَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ الصَّدَقَةُ بِهَا فَإِذَا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا كَانَ لِمَنْ صَارَتْ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَالزَّكَاةِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ إيجَابَ النُّسُكِ عَلَى وَجْهِ الْأُضْحِيَّةِ يَمْنَعُ الْبَيْعَ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ وَأَمَّا مَا أُخْرِجَ فِي الزَّكَاةِ فَقَدْ كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْإِخْرَاجِ فَلِذَلِكَ كَانَ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُضَحِّيَ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ أُضْحِيَّتِهِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا كَالْهَدْيِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَخْبَرَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهَا كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجَلَالَهَا فِي الْمَسَاكِينِ وَلَا يُعْطِ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا» زَادَ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>