للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[المنتقى]

عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ هَذَا وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِيهِ فِي الِاسْتِيفَاءِ.

١ -

(فَرْعٌ) فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ خَمْرًا فَلَا يَخْلُو أَنْ تَصِيرَ خَلًّا بِمُعَالَجَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَالَجَةٍ فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بِمُعَالَجَةِ آدَمِيٍّ فَإِنَّ الْمُعَالَجَةَ مَمْنُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَنَا وَأَحْسَنُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ «مُهْدِيَ الْمَزَادَتَيْنِ أَرَاقَهُمَا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ» وَلَوْ جَازَ تَخْلِيلُهَا لَمَا أَبَاحَ لَهُ إرَاقَتَهَا وَلَنَبَّهَهُ عَلَى تَخْلِيلِهَا كَمَا نَبَّهَ أَهْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا غَيْرَ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ خَمْرٌ قَصَدَ بِهَا الْخَمْرَ وَأَمَّا مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ خَمْرًا وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهَا الْخَلَّ فَحُكْمُهُ غَيْرُ حُكْمِ مَا قَصَدَ بِهِ الْخَمْرَ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ صَارَتْ خَلًّا بِمُعَالَجَةٍ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ عَصَرَ خَمْرًا أَوْ عَصَرَ خَلًّا فَصَارَتْ خَمْرًا فَبَاعَهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَصَارَتْ خَلًّا أَوْ خَلَّلَهَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَبَيْعِهَا.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إبَاحَةُ أَكْلِهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ هِيَ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَإِذَا زَالَتْ زَالَ التَّحْرِيمُ كَمَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي «إرَاقَةِ مَا فِي الْمَزَادَتَيْنِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ» وَلَوْ أَرَادَ تَخْلِيلَهَا لَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَنَبَّهَهُ عَلَيْهِ.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا يُعْصَرُ مِنْ الْعِنَبِ «أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاوِيَةَ خَمْرٍ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مِنْ السَّائِلِ أَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَ عَنْ الْخَمْرِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَصِيرِ أَوْ عَمَّا عُصِرَ لِلْخَمْرِ فَإِنْ كَانَ سَأَلَهُ عَنْ الْخَمْرِ فَقَدْ أَجَابَهُ عَنْ نَفْسِ مَسْأَلَتِهِ وَإِنْ كَانَ سَأَلَهُ عَنْ عَصِيرٍ أُرِيدَ بِهِ الْخَمْرُ فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا قَدْ صَارَ خَمْرًا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ رَاوِيَةَ خَمْرٍ الرَّاوِيَةُ هِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْخَمْرَ أَوْ الْمَاءَ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَرْوِي غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى الظَّرْفُ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ الْخَمْرُ رَاوِيَةً بِمَعْنَى تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا جَاوَرَهُ أَوْ قَارَبَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي أَهْدَى إلَيْهِ الرَّاوِيَةَ أَمَا عَلِمْت أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا» عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ لَهُ إنْ كَانَ عَلِمَ ذَلِكَ ثُمَّ أَهْدَاهَا وَإِنْ كَانَ جَهِلَ مِثْلَ هَذَا مِنْ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ مَعَ ظُهُورِهِ وَلَمَّا قَالَ الْمُهْدِي لِلْخَمْرِ: لَا إظْهَارًا لِعُذْرِهِ سَارَّهُ إنْسَانٌ إلَى جَانِبِهِ بِمَا ظَنَّ أَنَّهُ يُرْشِدُهُ بِهِ إلَى مَنْفَعَتِهِ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ مِنْ مُسَارَّتِهِ وَلَمْ يَثِقْ بِعِلْمِهِ وَتَوَقَّعَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِمِثْلِ مَا أَظْهَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَمَّا سَارَّهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَثَبَّتَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً حَذَّرَهُ مِنْهُ وَنَهَاهُ عَنْهُ وَأَرْشَدَهُ إلَى الصَّوَابِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا كَمَا لَا يَحِلُّ شُرْبُهَا» لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِهَا مَنْفَعَةٌ تُمْسَكُ لِسَبَبِهَا فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

إذَا ثَبَتَ أَنَّ بَيْعَهَا مُحَرَّمٌ فَاجْتَرَأَ مُسْلِمٌ فَبَاعَهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا لِلْعَصِيرِ عَلَى أَصْلِنَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ حَالُ عَصِيرٍ وَحَالُ سُكْرٍ وَحَالُ تَخَلُّلٍ فَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى وَهِيَ حَالَةُ الْعَصِيرِ فَهِيَ حَالَةُ إبَاحَةٍ عَلَى وَجْهٍ مَا فَمَنْ أَعَدَّهَا لِوَجْهٍ مُبَاحٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إرَاقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَمَنْ اتَّخَذَهَا لِوَجْهٍ مَحْظُورٍ فَهَلْ تَلْزَمُهُ إرَاقَتُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتَحَهُمَا فَتْحًا يَبْقَى الِانْتِفَاعُ بِهِمَا بِأَنْ حَلَّ أَفْوَاهَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتَحَهُمَا بِشَقِّ أَوْسَاطِهَا فَأَبْطَلَ ذَلِكَ الِانْتِفَاعَ بِهِمَا.

وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ خَمْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كُسِرَتْ عَلَيْهِ وَشُقَّ ظُرُوفُهَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّمَا تُشَقُّ الظُّرُوفُ إذَا كَانَ لَا يَزُولُ مَا قَدْ فَسَدَ بِهَا مِنْ الْخَمْرِ بِالْغَسْلِ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ مَا فِيهَا مِنْ الْغَسْلِ غُسِلَتْ وَلِيَنْتَفِعَ بِهَا وَكَذَلِكَ الْأَوَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>