للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا فَقَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ) .

ــ

[المنتقى]

يَنْتَقِلُوا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ صَادَفَ الْقَتْلُ وَالِاسْتِرْقَاقُ الْكُفْرَ الْأَصْلِيَّ دُونَ عَهْدٍ مَضَى عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَخَرَجَتْ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ يُرِيدُ لِلْعَمَلِ فِي بَسَاتِينِهِمْ وَنَخِيلِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَاَللَّهِ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ يُرِيدُونَ الْجَيْشَ قَالُوا ذَلِكَ يُنْذِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْبَرُ إعْظَامًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِكْبَارًا لَهُ وَإِخْبَارًا بِعُلُوِّ دِينِهِ وَظُهُورِ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ يُرِيدُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ الْإِنْذَارُ فَلَمَّا عَتَوْا وَعَانَدُوا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ نُزُولَ الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ وَالْإِذْلَالِ لَهُمْ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ اثْنَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِينَارَيْنِ.

وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ بِهِ التَّكْرَارُ مِنْ الْعِبَادَةِ وَمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْعَمَلَ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ أَوْ صَامَ يَوْمَيْنِ أَوْ جَاهَدَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْإِنْفَاقِ فِيمَا قَدَّمْنَاهُ أَظْهَرُ وَلَفْظُ الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَظْهَرُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ) يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ أَعَدَّهُ اللَّهُ لَك فَأَقْبِلْ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ هَذَا خَيْرُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ لَك لِأَنَّهُ فِي الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ الَّذِي أُعِدَّ لَك ثُمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَمَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ أَغْلَبَ أَعْمَالِهِ وَأَكْثَرَهَا وَقَدْ تَغْلِبُ عَلَى عَمَلِ الرَّجُلِ الصَّلَاةُ فَتَكُونُ أَكْثَرَ أَعْمَالِهِ وَيَغْلِبُ عَلَى أَعْمَالِهِ الصَّوْمُ فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَعْمَالِهِ وَكَذَلِكَ الْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ فَمَنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى عِبَادَتِهِ نَوْعٌ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ نُودِيَ مِنْ الْبَابِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عِبَادَتُهُ وَنَافِلَتُهُ الصَّلَاةَ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِسَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادَ خَاصَّةً وَيَكُونُ مَعْنَى مَنْ كَانَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ مَنْ تَنَفَّلَ فِي غَزْوَةٍ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ مَنْ صَامَ فِي غَزْوَةٍ وَأَهْلُ الصَّدَقَةِ مَنْ تَصَدَّقَ فِي غَزْوَةٍ فَيَكُونُ هَذَا أَغْلَبُ عَلَيْهِ فِي الْغَزْوِ وَبِهِ يُنَادَى وَإِنْ كَانَتْ عِبَادَتُهُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ يَغْلِبُ عَلَيْهَا غَيْرُ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ) :

قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ رَأَيْت لِبَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الرَّيَّانَ مِنْ الرَّيِّ فَخُصَّ ذَلِكَ بِدُعَاءِ الصَّائِمِ لِمَا كَانَ فِي الصَّوْمِ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ الْعَطَشِ وَالظَّمَإِ فِي الْهَوَاجِرِ إعْلَامًا لِمَنْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ بِمَا يَخُصُّ هَذَا مِنْ الدُّعَاءِ مِنْ هَذَا الْبَابِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَرُورَةٌ فِي أَنْ يُدْعَى مِنْ غَيْرِهَا وَأَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا يَكْفِي فِي التَّنَاهِي فِي الْخَيْرِ وَسَعَةِ الثَّوَابِ لَكِنَّهُ مَعَ مَا فِي الدُّعَاءِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ هَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ جَمِيعِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ الْخَيْرِ وَأَوْسَعُ مِنْ إنْعَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ أَطَاعَهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>