للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي الَّذِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِالْكِسْوَةِ أَنَّهُ إنْ كَسَا الرِّجَالَ كَسَاهُمْ ثَوْبًا ثَوْبًا وَإِنْ كَسَا النِّسَاءَ

ــ

[المنتقى]

ابْنُ وَهْبٍ مُدًّا وَنِصْفًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ لَسَعَةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ أَخْرَجَ بِهَا مُدًّا أَجْزَأَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ صَاعٌ وَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ أَجْزَأَهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ مُدَّانِ وَسَطَ شِبَعِ الْأَهْلِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْمُدَّ رِطْلَانِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ وَسَطِ طَعَامِ الْعِيَالِ فَلَمْ يَلْزَمْ فِي الْكَفَّارَةِ أَصْلُ ذَلِكَ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّيْنِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ وَعَشَّاهُمْ الْخُبْزَ وَالْإِدَامَ أَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ حَتَّى يَشْبَعُوا وَلَا يُغَدِّيهِمْ الْخُبْزَ وَلَكِنْ بِإِدَامٍ مِنْ زَيْتٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ قُطْنِيَّةٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنُ وَأَدْنَاهُ الزَّيْتُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَ الصِّغَارَ وَيُعَشِّيَهُمْ وَلَكِنْ إنْ أَعْطَاهُمْ فَلْيُعْطِهِمْ مَا يُعْطِي الْكِبَارَ وَيُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ الصَّغِيرَ مِنْ الطَّعَامِ الْمَصْنُوعِ مِثْلَ مَا يَأْكُلُ الْكَبِيرُ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا كَانَ فَطِيمًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَرْضِعُ لَمْ يَتَغَذَّ الطَّعَامَ الْمَصْنُوعَ وَلَا يَتَأَتَّى بَيْعُهُ فِي الْأَغْلَبِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ حِنْطَةً يَتَأَتَّى لَهُ بَيْعُهَا وَانْتِفَاعُهُ بِهَا فِي غَيْرِ الْقُوتِ أَوْ ادِّخَارُهَا إلَى أَنْ تُضَافَ إلَى مِثْلِهَا.

١ -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ أَعْطَوْا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ نَصَّ مِنْهُ عَلَى تَجْوِيزِ إخْرَاجِ الْحِنْطَةِ فِي ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَاَلَّذِي يُخْرِجُ فِي ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ مَا يَقْتَاتُهُ النَّاسُ غَالِبًا وَلَا يَسْتَعْمِلُ غَالِبًا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقُوتِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ وَالدَّخَنِ وَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ فَأَمَّا الْقَمْحُ فَمَنْ أَخْرَجَهُ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مَا يُتَقَوَّتُ وَأَمَّا الشَّعِيرُ فَإِنْ كَانَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَقُوتُ النَّاسِ الْقَمْحُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفَقْرٍ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ قُوتُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبُخْلٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْحِنْطَةِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْحِنْطَةُ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ بُخْلَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّقَوُّتِ بِالْحِنْطَةِ بِعَادَةِ الْبَلَدِ وَحَالِهِ الَّتِي تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُخْرِجُ مِمَّا يَأْكُلُ وَمِمَّا يُفْرَضُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِذَا كَانَ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ فَلْيُطْعِمْ مِنْهُ وَلَا يُجْزِئُهُ الذُّرَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ أَكَلَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْفِطْرِ يُخْرِجُ مِنْ جُلِّ عَيْشِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إذَا وَافَقَ قُوتُ الْمُخْرِجِ قُوتَ الْبَلَدِ فَهُوَ وِفَاقٌ وَإِنْ أَرَادُوا وَإِنْ خَالَفَ قُوتُ الْمُخْرِجِ قُوتَ الْبَلَدِ فَهُوَ خِلَافٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا يُخْرِجُ شَعِيرًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُطْعِمُ مِنْهُ فِي الْكَفَّارَةِ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْقَمْحِ.

(فَرْعٌ) فَإِنْ تَقَوَّتْ الْحِنْطَةَ وَأَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ الشَّعِيرَ لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يُخْرِجَ الشَّعِيرَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يُخْرِجُ السَّوِيقَ فِي الْكَفَّارَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصَبْغَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عَدَلَ بِهِ عَنْ وَجْهِ مَا يَتَقَوَّتُ عَلَيْهِ غَالِبًا كَمَا لَوْ اتَّخَذَ مِنْهُ الْعَصِيدَ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الدَّقِيقُ فَإِنَّهُ يُجْزِي إذَا أَعْطَى مِنْهُ قَدْرَ رِيعِهِ وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي يُطْعِمُ فِيهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ وَجْهِ الِاقْتِيَاتِ الْمُعْتَادِ وَلَوْ أَطْعَمَ هَذَا الْمِقْدَارَ لَأَجْزَأَهُ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى عَنْ أَصْبَغَ لَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ الْخُبْزَ قِفَارًا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ مِقْدَارَ الْمُدِّ مِنْ الْخُبْزِ وَأَمَّا إذَا أَطْعَمَهُمْ بِإِدَامٍ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْبِعَهُمْ لِلْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَإِنْ اسْتَوْعَبُوا ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ أَجْزَأَهُ مَا أَكَلُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَا يُخْرِجُ التِّينَ وَلَا الْقُطْنِيَّةَ وَإِنْ كَانَ عَيْشَ قَوْمٍ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقُوتٍ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقُوتٍ مُعْتَادٍ وَلَا شَائِعٍ فِي الْبِلَادِ وَقَدْ اسْتَوْعَبْت الْكَلَامَ فِي هَذَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ وَلَمْ أَرَ أَصْحَابَنَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا بَلْ ظَاهِرُ مَسَائِلِهِمْ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>