للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسَاهُنَّ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ دِرْعًا وَخِمَارًا وَذَلِكَ أَدْنَى مَا يُجْزِئُ كُلًّا فِي صَلَاتِهِ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَكَانَ يَعْتِقُ الْمِرَارَ إذَا وَكَّدَ الْيَمِينَ) .

ــ

[المنتقى]

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ إنْ اخْتَارَ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُكَفِّرُ بِمَا يُصَلِّي فِيهِ فَقَالَ فِي الرِّجَالِ ثَوْبًا ثَوْبًا وَذَلِكَ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَمِيصُ الَّذِي يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَالْجَسَدَ وَهَذَا يَشْتَمِلُ عَلَى فَرْضِ لِبَاسِ الصَّلَاةِ وَفَضْلِهِ وَإِنْ أَعْطَاهُ إزَارًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطِيهِ إنْ شَاءَ قَمِيصًا وَإِنْ شَاءَ إزَارًا يُبَلِّغُهُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِهِ مُشْتَمِلًا وَهَذَا عَلَى مَعْنَى الْقُمُصِ أَيْضًا وَأَمَّا الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَتَّزِرَ بِهِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا نَصًّا وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُجْزِي لِأَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَنَصُّ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ يَكْسُوهَا قَمِيصًا وَخِمَارًا لِأَنَّهُ لَا تُجْزِئُهَا الصَّلَاةُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.

١ -

(فَرْعٌ) وَمِنْ النِّسَاءِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ فَيُجْزِي بَعْضَهُنَّ مِنْ الْقُمُصِ فِي الصَّلَاةِ لِقِصَرِهَا مَا لَا يُجْزِي بَعْضَهُنَّ لِطُولِهَا وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْطَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا فِي صَلَاتِهَا.

١ -

(فَرْعٌ) وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَسَا صِغَارَ الْإِنَاثِ فَلْيُعْطِهِنَّ دِرْعًا وَخِمَارًا وَالْكَفَّارَةُ وَاحِدَةٌ لَا يُنْقَصُ مِنْهَا لِصَغِيرٍ وَلَا يُزَادُ لِكَبِيرٍ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ تُعْطَى الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ الصَّلَاةَ الدِّرْعَ دُونَ خِمَارٍ فَإِذَا بَلَغَتْ الصَّلَاةَ أُعْطِيت الدِّرْعَ وَالْخِمَارَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطَى صِغَارُ الْإِنَاثِ مَا يُعْطَى الرِّجَالُ قَمِيصًا كَبِيرًا وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذَا مَالٌ يَخْرُجُ فِي الْكَفَّارَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَدْرُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارًا حَقُّ الصَّغِيرِ فِيهِ كَحَقِّ الْكَبِيرِ أَصْلُ ذَلِكَ الْإِطْعَامُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْكِسْوَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِ مَنْ تُدْفَعُ إلَيْهِ وَلِذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِطْعَامِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسَاكِينِ فِي الْإِطْعَامِ إذَا غُدُّوا وَعُشُّوا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْكُلُ شِبَعَهُ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْمُدِّ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَسَا صَبِيًّا صَغِيرًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعْطَى كُلُّ صَغِيرٍ مِثْلُ كِسْوَةِ الْكَبِيرِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ كِسْوَةُ الْأَصَاغِرِ بِحَالٍ وَكَانَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ بِالصَّلَاةِ فَلَهُ أَنْ يَكْسُوَهُ قَمِيصًا مِمَّا يُجْزِيهِ فَعَلَى هَذَا يُعْطَى الصَّغِيرُ الَّذِي بَلَغَ حَدَّ الْأَمْرِ الَّذِي بَلَغَ فِي الصَّلَاةِ قَمِيصًا يُجْزِئُهُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ دُونَ قَمِيصِ الرَّجُلِ فَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدَّ أَقَلِّ مَا يُعْطَى مَنْ صَغَرَ مِمَّنْ يُكْسَى عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ مِمَّنْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

١ -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا كَفَّرَ بِالْكِسْوَةِ أَوْ الْإِطْعَامِ فَالْمُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ كُلُّهَا كِسْوَةً أَوْ إطْعَامًا فَإِنْ كَسَا خَمْسَةً وَأَطْعَمَ خَمْسَةً فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ فَقَالَ يُجْزِيهِ وَأَظُنُّهُ قَوْلَ مَالِكٍ وَقَالَ لَا يُجْزِيهِ قَالَ أَشْهَبُ وَيُضِيفُ إلَى مَا شَاءَ مِنْهَا تَمَامَ الْعَشَرَةِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ جَمِيعَ مَا أَخْرَجَهُ مَصْرُوفٌ إلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا كَانَ مِمَّا يُجْزِي الْكَفَّارَةُ مِنْهُ بِانْفِرَادِهِ جَازَ أَنْ يَجْمَعَ إلَى مَا يُجْزِي مِنْهُ أَصْلُهُ إذَا كَانَتْ طَعَامًا كُلَّهَا أَوْ كِسْوَةً كُلَّهَا وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَصِحُّ مِنْ جِنْسَيْنِ كَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَهَذَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَكَانَ يَعْتِقُ الْمِرَارَ إذَا وَكَّدَ الْيَمِينَ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَتَكَرَّرُ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ وَالتَّكْفِيرِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَإِنِّي وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا كَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَأَنْ يَلِجَ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>