للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت: كلا واللَّه ما يُخْزِيكَ اللَّه أبدًا، إنك لتصلُ الرَّحِمَ، وتحمل الكَلَّ (١)، وتَكْسِبُ المعدوم، وتُقْرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق.

فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزَّى، ابن عم خديجة، وكان امْرءًا تَنَصَّر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العِبْرَاني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء اللَّه أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عَمِيَ فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا بن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خَبَر ما رأى فقال له ورقة: هذا الناموس (٢) الذي نزَلَ اللَّهُ على موسى، يا ليتني فيها جَذَعًا (٣)، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أومُخْرِجِيَّ هم؟ " قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزَّرًا (٤)، ثم لم يَنْشَبْ (٥) ورقةُ أن توفي، وفَتَر الوحيُ.


(١) (الكَلَّ) -بفتح الكاف-: هو من لا يستقل بأمره.
(٢) (هذا الناموس): الناموس: هو صاحب السر، وقيل: إن الناموس صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر، والمراد بالناموس هنا، جبريل عليه السلام.
(٣) (يا ليتني فيها جذعًا): الجذع -بفتح الجيم والذال المعجمة-: هو الصغير من البهائم، كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدعاء إلى الإسلام شابًّا؛ ليكون أمكن لنصره، وبهذا يتبين سر وصفه بكونه كان كبيرًا أعمى.
(٤) (مؤزّرًا) بهمزة؛ أي: قويًّا، قيل: مأخوذ من الأزر وهو القوة، وقيل: ويحتمل أن يكون من الإزار، أشار بذلك إلى تشميره في نصرته.
(٥) (لم يَنْشَبْ)؛ أي: لم يلبث، وأصل النشوب التعلق؛ أي: لم يتعلق بشيء من الأمور حتى مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>