للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيُفْصَمُ (١) عنِّي، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتَمَثَّل في الملك رجلًا فيكلمني فأعي ما يقول".

قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: ولقد رأيتُهُ ينزل عليه الوحيُ في اليوم الشديد البرد فيُفْصَمُ عنه، كان جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا (٢).

٥ - وعن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: ١٦] قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه، فقال ابن عباس: فأنا أحركهما لك كما كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحركهما.

وقال سعيد: فأنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه، فأنزل اللَّه تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: ١٦ - ١٧]، قال: جمعه لك في صدرك، وتقرأه. {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: ١٨]، قال: فاستمع له وأنصت، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٩]، ثم إن علينا أن نقرأه.


(١) (فيفصم عنه)؛ أي: يقلع ويتجلَّى ما يغشاني، والفصم: القطع.
(٢) (ليتفَصَّد عرقًا): مأخوذ من الفَصْدِ، وهو قطع العرق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة في كثرة العَرَق، وفي قولها: "في اليوم الشديد البرد" دلالة على كثرة معاناة التعب والكرب عند نزول الوحي؛ لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق في شدة البرد، فإنه بشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>