للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى، فهو على وجوبه إلّا أن ينقله عن ذلك دليلٌ، فمتى باع بعد النداء، كان بيعه مفسوخاً إذ ا كان ممن تلزمه الجمعة؛ لأنَّهُ أوقعه على خلاف ما أُمِر به، فكان بمنزلة من باع غرراً، ومجهولاً، ونكح وهو محرمٌ، وباع ربا، أنَّ ذلك كله مفسوخٌ؛ لنهي الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه عن ذلك، فكذلك البيع يوم الجمعة بعد النداء هو مردودٌ؛ لنهي الله تعالى عن ذلك.

فإن قيل: إنَّ بيع الغرر والآبق والمجهول والربا وأشباه ذلك، إنّما منع لعيبٍ في المبيع، ليس من أجل عيبٍ في العقد ولا الحال، والنهي عن البيع يوم الجمعة بعد النداء ليس هو من أجل عيبٍ في المبيع نفسه، فأشبه ذلك تلقي السلع والبيع على بيع الرجل (١)؟

قيل له: لا فرق بين ما كان منهياً عن بيعه من أجل عينه أو من أجل غير عينه لوقت أو حال، كما لم يفترق حال النهي في عقد النكاح بين ما كان من أجل غير المعقود عليها، بأن تكون أمه أو أخته أو عمة امرأته أو خالتها، أو تكون مُحْرِمَةً أو في عدَّةٍ من زوجٍ، فلمّا لم يفترق الحكم في ذلك لورود النهي فيهما، فكذلك قد ورد النهي عن البيع يوم الجمعة عند النداء.

وقد قال مخالفنا في هذه المسألة (٢): «إنَّ من باع بيعتين في بيعهٍ فبيعه


(١) ينظر الاعتراض في: الفصول في الأصول للجصاص [٢/ ١٨١].
(٢) المخالف هم الحنفية والشافعية، ينظر: بدائع الصنائع [٥/ ٢٣٢]، الهداية مع العناية [٣/ ٩١]، الحاوي للماوردي [٣/ ٧٣]، المهذب مع المجموع [٤/ ٢٥٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>