للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جائزٌ؛ لِمَا ذكرنا: أنَّ أخذ العوض على كلّ فعلٍ مُجوَّزٍ حلالٌ، وأخذ العوض على كلّ فعلٍ ممنوعٍ منه حرامٌ.

ألا ترى: «أَنَّ النَّبِيَّ لَعَنَ فِي الخَمْرِ عَشَرَةً» (١)، منهم: البائع والمبتاع، والحامل والمحمول إليه، والعاصر والمعتصر، فكان الحامل والعاصر في اللعنة بمنزلة البائع؛ لأنَّ فعل ذلك كله ممنوعٌ غير مجوزٍ، فكذلك أخذ العوض عليه.

فإن قيل: فقد قال النبيُّ لعبادة بن الصامت: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقاً مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا» (٢)، وذلك أنَّهُ عَلَّمَ ناساً من أهل الصفة، فأهدى إليه رجلٌ منهم قوساً، فسأل النبيُّ صلى الله عليه عن ذلك (٣)؟

قيل له: معنى هذا الخبر إن كان صحيحاً، هو أنَّ عُبادة إنّما كان علَّمه على وجه القربة إلى الله ﷿، لا على وجه أخذ العوض، فلم يجز له أن يأخذ العوض على فعلٍ فعله لله تعالى، فأمّا أن يكون ابتداء الفعل من التعليم وغيره مما هو مجوَّزٌ على عوضٍ يأخذه، فلا بأس.

ألا ترى: أنَّ أخذ العوض على الحج عن الإنسان جائزٌ، والحج فعل خيرٍ يفعله الإنسان عن الإنسان، فكذلك تعليم القرآن وكلّ فعلٍ مجوَّزٌ فعله، يجوز أن يأخذ العوض عليه إذا كان الفعل حقاً لا محالة، أو جائزاً لا محالة.


(١) أخرجه الترمذي [٢/ ٥٦٧]، وابن ماجه [٤/ ٤٦٨]، وهو في التحفة [١/ ٢٣٧].
(٢) أخرجه أبو داود [٤/ ١٥١]، وابن ماجه [٣/ ٢٨٦]، وهو في التحفة [٤/ ٢٤٠].
(٣) ينظر الاعتراض في: شرح السنة للبغوي [٨/ ٢٦٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>