للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أو لأخيك، أي: لآخر مثلك إن لم تأخذها، أو للذئب يأكلها إن لم تأكلها أنت أو أخوك، ومعنى ذلك: أَنَّهَا تتلف إن لم تأخذها أنت أو أخوك، فجاز لواجدها أكلها لهذه العلة.

ولا غرم عليه لصاحبها؛ لأنّه لم يُتْلِف عليه شيئاً له قيمةٌ في حال ما أتلفه.

فإن قيل له (١): كيف يجوز للإنسان أن يأكل مال غيره عن غير طيب نفسٍ منه ولا يكون عليه بدله إذا أكله، وقد قال النبيُّ : «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إَلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» (٢) (٣)؟

قيل له: معنى هذا الخبر: إذا كان مال المسلم مما يقدر أن ينتَفِعَ به ويصل إليه أو له قيمةٌ، فأمّا إذا كان لا يصل إليه ولا ينتفع به أو لا قيمة له، فليس يُمْنَع أن ينتفع غيره به، إذ لا ضرر على ربه في ذلك، وينتفع غيره به، وقد قال رسول الله : «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ» (٤)، وقد وجد النبيُّ صلى الله عليه تمرةً، فقال: «لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» (٥)، فلم يمتنع النبيُّ صلى الله عليه من أكلها من أجل أَنَّهَا مال غيره؛ لأنَّ ذلك (٦) لا يؤَثِّر عليه، وإنما امتنع من أجل حق الله ﷿، وهو تحريمه الصدقة عليه.


(١) قوله: «له»، كذا في شب، ولعلها مقحمة، والله أعلم.
(٢) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ١٢٦٠.
(٣) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [٩/ ٤٣٠].
(٤) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ١١٣٨.
(٥) متفق عليه: البخاري (٢٤٣١)، مسلم [٣/ ١١٨]، وهو في التحفة [١/ ٢٤٣].
(٦) هذه الصفحة مكررة في.

<<  <  ج: ص:  >  >>