للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

• إنّما قال ذلك؛ لأنهما جانيان جميعاً على مال غيرهما، والنصراني عليه غُرْمُ ما نقص من مال غيره، وذلك في ماله، والعبد فعليه ذلك في رقبته، فإن شاء سيِّده أسلمه بأرش جنايته، وإن شاء افتكَّه.

•••

[١٣٠٨] مسألة: قال: ولا يُضَعَّفُ الغُرْمُ على أحدٍ في شيءٍ استهلكه (١).

• إنّما قال ذلك؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة:١٩٤]، وقال تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى:٤٠]، فلمَّا لم يجز أن يُتَعَدَّى في القِصَاص إلى أكثر مما وجب، فكذلك في المال.

وكذلك قال النبيُّ : «طَعَامٌ كَطَعَامٍ وَقَصْعَةٌ كَقَصْعَةٍ» (٢)، وكذلك من أعتق شِرْكَاً له في عبدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ العَدْلِ.

فوجب بما ذكرنا من دليل الكتاب والسنة أن لا يُضَاعَف الغُرْمُ على أحدٍ في مالٍ، ولا قَوَدٍ في جنايةٍ.

فأمّا ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب من تضعيفه القيمة على البراء (٣) في الناقة التي انتحرها غلمانه (٤)، فإنَّ ذلك يجوز أن يكون له معنى أو سببٌ أَوْجَبَ ذلك


(١) المختصر الكبير، ص (٢٧٧)، الموطأ [٤/ ١٠٨٣]، موطأ ابن وهب، كتاب القضاء في البيوع، ص (١٠٤)، النوادر والزيادات [١٤/ ٤٥٤]، الاستذكار [٢٢/ ٢٥٨].
(٢) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ١٣٠٤.
(٣) قوله: «البراء»، كذا في شب، والذي في مصادر التخريج: عبد الرحمن بن حاطب.
(٤) أخرجه مالك [٤/ ١٠٨٣]، وعبد الرزاق [١٠/ ٢٣٨]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٧/ ٣٥٧]، والطحاوي في مشكل الآثار [١٣/ ٣٦٥] من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، «أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقةً لرجلٍ من مزينة فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثمّ قال عمر: أراك تجيعهم، ثمّ قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك، ثمّ قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟، فقال المزني: كنت والله أمنعها من أربعمئة درهم، فقال عمر: أعطه ثمانمئة درهم»، وهو مرسل، يحيى لم يدرك عمر ، وقد جاء في رواية عبد الرزاق: عن يحيى، عن أبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>