للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• إنّما قال ذلك؛ لِمَا ذكرناه في اختلاف المتبايعين في السلعة المبيعة عيناً، أنهما يتحالفان ويتفاسخان إذا اختلفا في مقدار ثمنها أو مقدار عينها في الكيل والوزن، أو غير ذلك؛ لأنَّ الكراء هو بيع منافع الأعيان، كالبيع هو بيع رقاب الأعيان، فمتى قبض المتكاري ما اكتراه وركبه، فالقول قوله مع يمينه؛ لقوة سببه بقبضه الشّيء الذي اكتراه، كما يكون القول قول المشتري فيما قبضه.

فأمّا ما بقي من المسافة، فإنهما يتحالفان ويتفاسخان، ويكون القول قول المكتري في الكراء مما قد ركب إذا كان يشبه ما قال مع يمينه، فإن لم يشبه فالقول قول المُكْرِي مع يمينه؛ لِمَا ذكرنا: أنَّ قول مدعي الأشبه أولى بالقبول مع يمينه؛ لقوة سببه وشهادة العرف له.

فأمّا إذا كان في وقت الحاج لم يقبل قول من يدَّعِي مسافةً دون مكة؛ لأنَّ الأغلب في وقت الحاج أنهم إنّما يكترون إلى مكة، فلا يقبل قول المُكري أنّه إلى غير ذلك من الطريق؛ لقوة سبب المكتري، وشهادة العرف له.

وقد قيل: «إذا اختلفا وقد بلغا المدينة، نُظِرَ إلى الكراء، فإن كان الذي أعطاه كراء المدينة، أُحْلِفَ على ذلك صاحب الظهر أنّه إنّما أكرى إلى المدينة ولم يجاوز به المدينة، وإن كان الكراء أكثر من كراء المدينة، أُعطِيَ الذي تكارى فضل الكراء ويحلف المكري، فإن أبى أن يحلف، حلف المتكاري ومضى به إلى مكة» (١).

وجه هذا القول: هو أنَّ مقدار الكراء فيه دلالةٌ على قدر المسافة وما اكترى


(١) ينظر: البيان والتحصيل [٩/ ١٢٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>