للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل له: وكذلك يجب المال بوجوهٍ، فوجب أن يثبت له أخذ المال بإقراره بالنسب، وإن لم يثبت النسب، وكذلك لو أقر العبد بسرقة مالٍ في يديه، يقبل قوله في القطع، ولم يقبل في دفع المال إلى المسروق منه، فعُلِمَ بهذا أنَّ الشّيء يثبت وإن لم يثبت سببه.

فإن قيل: لمّا كان المُقِرُّ بالبيع لا يلزمه دفع سلعته إلى المشتري، دون أن يدفع المشتري إليه الثمن إذا أنكر ذلك المشتري؛ لأنَّ البيع معاوضةٌ، فكذلك يجب أن يكون الإقرار بالنسب مثله؛ لأنّه كما لا يرث هو المُقَرَّ، فكذلك لا يجب أن يُورَثَ المُقَرُّ لَهُ بالنسب (١).

قيل له: ما ذكرته غلطٌ؛ من قِبَل أنَّ النسب والإقرار به لا يجري مجرى المعاوضات؛ لأنَّ النسب يثبت وإن لم يكن بينهما ميراثٌ؛ ولأنه لا يُدرى من يموت قبل صاحبه، فليس فيه وجوب معاوضةٍ ولا تعلُّق فيها لا محالة.

والبيع فوضعه على المعاوضة؛ لأنّه إخراج شيءٍ عن ملك البائع بإخراج شيءٍ عن ملك المشتري، لا يصح أحدهما دون الآخر؛ إذ كلّ واحدٍ منهما متعلقٌ بالآخر، فيجب قول البائع: «بعت سلعتي من زيدٍ إلى أبي إسحاقٍ» عليه ثمنها؛ لأنَّ البيع لا يكون إلّا بثمنٍ.

ولو لزمنا ما قاله في البيع، للزمه أن لا يُقْبَل قوله: «إنها أخته» في وقوع التحريم عليه إذا كانت زوجته؛ لأنَّ التحريم وثبوته متعلقٌ بثبوت الأُخُوَّةِ، فإذا لم تثبت، لم يجب أن يثبت التحريم على قوله، وإذا ثبت بذلك عنده وإن لم يثبت


(١) ينظر الاعتراض في: الأم [٨/ ٥٥٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>