للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما في غير ملكه فليس له فعل ذلك، وذلك كبئر يحفرها في صحراءٍ قرب بئرٍ قد تَقَدَّمه إلى حفرها غيره، إذا كان يضر بمن تقدَّمه.

فأمّا في ملكه، فقد قال ابن القاسم عن مالك: «إنه ليس له أن يحفر بئراً يضرُّ ببئر جاره، وكذلك بجدار جاره» (١)؛ لأنّه لا يجوز لأحدٍ أن يفعل ما يضر بغيره، سواءٌ كان في ملكه أو غير ملكه.

وحكى ابن نافع وابن عبد الحكم، عن مالك: «أنَّ ذلك ليس له فعله إذا كان يجد مندوحةً عنه، فإن كان لا يجد مندوحةً فله فعله» (٢).

ووجه هذا القول: أنَّ للإنسان أن يفعل في ملكه ما ينتفع به، وإن أدَّى ذلك إلى الإضرار بغيره، إذا كان لا يقصد الإضرار به، ولا يستغني عن فعل ما يفعله في ملكه، فأمّا إذا استغنى عنه أو وجد موضعاً يبعد الضرر عن جاره، فليس له فعله، وعليه أن يُبْعِد ذلك عنه؛ لأنّه يقدر أن ينتفع بما يريد فعله من حيث لا يضر بجاره، وقد قال رسول الله : «لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ» (٣).

فأمّا حريم الآبار والعيون، فليس فيها حدٌّ يثبت، وإنما ذلك على وجه الاجتهاد، بقدر ما يبعد فيه الضرر من بعضهم لبعض، فأمّا تحديدٌ أو تقديرٌ فليس


(١) ينظر: المدونة [٤/ ٤٧٤].
(٢) ينظر: النوادر والزيادات [١١/ ٢٢].
(٣) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ١١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>