للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: قد قال الله ﷿: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البقرة:٢٣٣]، وهذا يوجب أن تكون النفقة على كلّ وارثٍ (١).

قيل له: معنى قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾، راجعٌ على أن لا يُضَارَّه على النفقة؛ لأنَّ النفقة للولد لم يَتَقَدَّم لها ذِكْرٌ هاهنا فيرجع النسق عليها، وإنما تقدَّم ذكر نفقة الزوجات بقوله: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، ويستحيل أن يقوم الوارث في النفقة على الزوجة مقام الموروث؛ لأنَّ الزوج إنّما أنفق لوجود الاستمتاع الذي له في الزوجة، ولا يقوم وارثه مقامه فيها (٢).

وقد رَوَى أشعث، عن الحسن، عن مجاهد، عن ابن عباس: «﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾، قَالَ: لَا يُضَارَّ» (٣).

وكذلك قال الشعبي، والضحاك، وغيرهما، قالوا: لَا يُضَارَّ.

وقد قال مخالفنا في هذا: «إنَّ رجلاً لو خَلَّفَ جده أبا أمه، وابن عمه، كان الميراث لابن عمه، والنفقة على جده أبي أمه» (٤)، فقد جعل النفقة على غير وارثٍ، وكذلك يقول في الخال والعم، أنَّ النفقة على الخال، والميراث للعم، وهذا خلاف أصله الذي بناه، فعُلِم بهذا فساد قوله.

وقوله: إنَّ المرأة تُلْزَم النفقة على أبيها وإن كره زوجها؛ فلأنَّ نفقتها على أبويها حقٌّ من الحقوق التي تلزمها في مالها، كالزكاة وأرش جناية وشبه ذلك،


(١) تقدَّم ذكر الاعتراض في المسألة رقم ١٥٤٤.
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [٧/ ٣٥٣]، شرح المسألة عن الأبهري.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة [١٠/ ١٨٠]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٦/ ٧٨].
(٤) ينظر: المسألة رقم ١٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>