• إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ هذه حمالةٌ وليست حوالةٌ؛ لأنَّ الحمالة هي وثيقةٌ وليس انتقالاً من دَينٍ إلى دَينٍ، والحوالة انتقالٌ من دَينٍ إلى دَينٍ، فللمتحمل له أن يرجع الى المُتَحَمَّلِ عنه فيطالبه إذا لم يعطه الحمِيل حقه؛ لأنَّ الحق لم يُنْقَل عنه إلى الحمِيل، وإنما الحمالة وثيقةٌ كالرهن أنَّ الدَّين لا ينتقل من ذمَّة الراهن إلى الرهن، وإنما الرهن وثيقةٌ به، وحكم الحمالة والكفالة والضمان حكمٌ واحدٌ، وهي ألفاظٌ مختلفةٌ لمعنى واحدٍ وحكمٍ واحدٍ.
فأمّا الحوالة فهي مخالفةٌ للحمالة؛ لأنَّ الحوالة انتقالٌ من دَينٍ إلى دَينٍ، كأنَّ صاحب الدَّين باع دَينه الذي على زيدٍ بالدَّين الذي لزيدٍ على عمرٍو، فمتى مات عمرٌو أو فلَّس، لم يرجع على زيدٍ.
•••
[١٦٢٣] مسألة: قال: والحمالة بِجُعْلٍ حرامٌ لا تحل (١).
• إنَّما قال ذلك؛ لأنَّ الحمالة معروفٌ وفعل خيرٍ، ولا يجوز أن يأخذ الانسان عوضاً على شيءٍ يفعله على وجه المعروف والقربة إلى الله جَلَّ وَعَزَّ، كما لا يجوز أن يأخذ عوضاً على معروفٍ يأمر به أو منكَرٍ ينهى عنه، أو صلاةٍ يصليها، أو صومٍ يصومه؛ لأنَّ فعل هذه الأشياء قربةٌ إلى الله ﷿، وليس طريقها المكسب للدنيا.
•••
(١) المختصر الكبير، ص (٣٢١)، موطأ ابن وهب، القضاء في البيوع، ص (٧٢)، النوادر والزيادات [١٠/ ١٢٦].