[١٦٦٠] مسألة: قال: وإذا هلك الرّجل فاقتسم الورثة ميراثه، ثمّ طرأ دَينٌ، فوَجَدَ بعضهم قد أفلس، فإنّه يأخذ ممن وجد منهم ملياً دَيْنَهُ، ويَتْبَعُ أصحابه بما أُخِذَ منه؛ لأنَّه لا يرث أحدٌ منهم وعلى الميت دَينٌ (١).
• قد ذكر مالك العلة في ذلك، وهو قوله:«لأنّه لا يرث أحدٌ منهم وعلى الميت دَينٌ»، فكان ما أخذه الورثة فهم غير مستحقين لأخذه حتى يُقضى الدَّين، فللغريم أن يأخذ حقه منهم أو ممن وَجَدَ منهم ملياً؛ لأنَّه لا يرث أحدٌ قبل قضاء الدَّين شيئاً، فكان أَخْذُهُم غير جائزٍ وقسمتهم باطلةٌ، والمال على ملك الميت حتى يُقْضى دينه، ثمّ يقتسمون ما فضل بعد الدَّين والوصية إن كانت.
ولا يشبه هذا الغريمَ إذا طرأ وقد فُرِّقَ مال الميت أو المفلس على الغرماء، أنّه يأخذ من كلّ واحدٍ بقدر دَينه ولا يأخذ دَينه كله من المليء دون المعدَم؛ لأَنَّ الغريم الغائب لو كان حاضراً لأخذ كلّ الغرماء معه ولم يكن هو أولى منهم، فوجب أن يستووا كلهم في مال الميت أو المفلس على قدر حقوقهم، ويَتَحَاصّون فيه من غير تَقْدُمَةِ أحدهم على الآخر.
وليس كذلك الورثة مع الغرماء؛ لأنهم لا يأخذون مع الغرماء شيئاً إذَا كان الدَّين بقدر التركة أو أقل، فوجب أن يأخذ الغريم من الورثة كلهم أو من لحق منهم موسراً، ثمّ يَتْبَعُ الورثة بعضهم بعضاً، أعني: أنَّ الموسر الذي أُخِذ الدَّين منه يرجع على غيره من الورثة بمقدار ما كان يَحُصُّه، فيتبعه به في ذمَّته؛ لأَنَّ أحد
(١) المختصر الكبير، ص (٣٢٧)، وقد حكى ابن أبي زيد هذه المسألة عن ابن عبد الحكم في النوادر [١١/ ٢٥٤]، وينظر: النوادر والزيادات [١٠/ ٢٤].