للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأمَّا القياس فإنَّ عليه أن ينوي كل ليلةٍ (١)؛ لجواز أن يفطر بدل الصّوم ويصوم عن فرضٍ أو صومٍ غير الذي عوده نفسه، وهو مخالفٌ لصوم رمضان، وإذا كان كذلك، فعليه أن يجدد النيّة للذي يريد كل ليلةٍ، والله أعلم.

وقوله: «فإذا طلع الفجر، فهو على ما عزم عليه من فطرٍ أو صيامٍ»، فإنَّ حكم الصّوم أو الفطر قد تقرََّر بطلوع الفجر، فإذا طلع وهو مفطرٌ، فليس يجوز له أن يصوم يومه بعد ذلك، وإن كان صائماً لم يجز له أن يفطر لغير عذرٍ، من قِبَلِ أنَّهُ قد دخل في عملٍ هو قربةٌ إلى الله تعالى له انتهاءٌ، فليس يجوز له أن يخرج قبله لغير عذرٍ، كما لا يجوز له أن يخرج من الحجّ التّطوع إذا دخل فيه قبل أن يتمَّه، وكذلك العمرة التّطوع، وقد قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:١٨٧]، وقال: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة:١٩٦].

فوجب بهذا أن يتم فعل كل خيرٍ دخل فيه ولا يقطعه دون كماله، إلَّا أن يقطعه عن ذلك عذرٌ، فيكون كمن صدَّه العدو عن البيت في الحجّ التّطوع، أنَّهُ يحل ولا قضاء عليه، ولو قطعه مختاراً، لكان عليه القضاء، وكذلك الصّوم والصلاة، وكل عملٍ قربةٍ لله تعالى دخل فيها فعليه تمامها، وقد قال الله سبحانه: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة:١].


(١) حكى هذا القول عن الأبهري: ابن أبي زيد في النوادر [٢/ ١٤]، والباجي في المنتقى [٢/ ٤١]، وابن يونس في الجامع [٣/ ١٠٨٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>