واحدةٍ أو بنيَّةٍ متقدِّمةٍ، وإذا لم يجز ذلك في الصلاتين، فكذلك يلزمك في الصّوم (١).
قيل له: ما ذكرته غير لازمٍ لنا ولا قادحٍ فيما اعتللنا به، من قِبَل أنَّ ما بين الصلاتين وقتٌ يجوز أن يُصَلَّى فيه فرضٌ ونفلٌ، فاحتاج للصلاة الثانية إلى استئناف النيّة لهذه العلَّة، وما بين اليومين، فليس وقتاً يصلح لصوم فرضٍ ولا نفلٍ، فلم يحتج إلى استئناف نيةٍ.
ومما يدل على جواز تقدم نيَّة الشّهر كلِّه من أوله، أنَّا وجدنا الصّوم مُخصصاً بجواز تقدمة النيّة قبل الدخول فيه بزمانٍ، وهو أن ينوي من أول الليل أن يصوم من الغد، وليس يجوز ذلك في سائر الأعمال دون أن تكون النيّة مقارنةً للدخول فيها، فلمَّا جاز ذلك في الصّوم، وكان مبايناً لسائر الأعمال، لم يكن فصلٌ في جواز تقدمة النيّة بين أول اليوم وآخره.
ومما يدل أيضاً على ذلك، أنَّهُ إذا نوى من أول الليل، ثم أكل بعد ذلك لم يحتج إلى تجديد النية، وإن كان قد تخلل بين النيّة والصّوم أكلٌ، وكذلك في اليوم الثاني والثالث والأيام كلها، وإن كانت أعمالاً متغايرةً، والله أعلم.
وقوله:«فيمن عوَّد نفسه صيام يومٍ بعينه أو شهرٍ بعينه، أنَّهُ ليس عليه تجديد النيّة عند كل ليلةٍ ولا عند الدخول في الصّوم»، فلهذا المعنى الذي ذكرنا من جواز تقدمة النيّة للصوم.
وهذا القول من مالكٍ في صيام النفل، يشبه أن يكون استحباباً لا إيجاباً،