للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: إنَّ الزَّكاة كالدَّيْنِ؛ لأنَّهُ حقٌّ في المال، فلمَّا جاز تَقْدُمَة الدَّيْنِ قبل وقته، جاز كذلك الزَّكاة قبل وقتها (١).

قيل له: ليست تشبه الزَّكاة الدَّيْنَ؛ من قِبَل أنَّ الزَّكاة عملٌ مُتعبدٌ به الإنسان، لا يجوز أن يفعله بغير نيةٍ، ولا أن يُفعل عن الإنسان من غير أن يَعْلَم، ولا يجوز أن يترك فعلها، والدَّيْنُ قد يجوز أن يُؤدَّى عن الإنسان من حيث لا يعلم، ويجوز أن يسقُطَ أداؤه بأن يتركه صاحبه، فكان الدَّيْنُ مخالفاً للزكاة لهذه العلَّة (٢).

فإن قيل: قد استقرض النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ من رجلٍ بَكْراً (٣)، ثم قضاه من الصدقة (٤)، ولولا أنَّهُ استسلفه صدقةً، ما جاز أن يقضيه من الصدقة (٥).

قيل له: يجوز أن يكون استسلف النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ رجلاً لا تجب عليه


(١) ينظر الاعتراض في: المبسوط للسرخسي [٢/ ٧٧]، المغني لابن قدامة [٤/ ٨٠].
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [٤/ ٤٠]، عن الأبهري هذا الشرح.
(٣) قوله: «بَكْراً»، البَكْرُ: الفتيُّ من الإبل، بمنزلة الغلام من النَّاس، والأنثى بكرة، ينظر: النهاية في غريب الحديث [١/ ١٤٩].
(٤) أخرجه مالك [٤/ ٩٨١]، ومن طريقه مسلم [٥/ ٥٤]، عن أبي رافعٍ مولى رسول الله ؛ أنَّهُ قال: «استسلف رسول الله بكراً، فجاءته إبلٌ من الصدقة، قال أبو رافع: فأمرني رسول الله أن أقضي الرجل بكره، فقلت: لم أجد في الإبل إلَّا جملاً خياراً رباعياً، فقال رسول الله: أعطه إياه؛ فإنَّ خيار النَّاس أحسنهم قضاءً»، وهو في التحفة [٩/ ٢٠٢].
(٥) ينظر الاعتراض في: الأم للشافعي [٣/ ٥٠]، الحاوي للماوردي [٤/ ١٢٦]، المحلى [٤/ ٢١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>